بادِر إلى طلبِ عفوِ اللهِ ورحمتِهِ

بادِر إلى طلبِ عفوِ اللهِ ورحمتِهِ



بادِر إلى طلبِ عفوِ اللهِ ورحمتِهِ



عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ يقولُ: “قَالَ اللهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوْبُكَ عَنَانَ الْسَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيْتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيئًا، لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً” رواهُ الترمذيُّ.

فالعبدُ إذا أذنبَ وسارعَ إلى التوبةِ ودعا وهو يرجو مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ المغفرةَ فإنَّهُ يُغفرُ لهُ على ما كانَ منهُ مِنَ الذنوبِ والتقصيرِ مهما كانت بالتوبةِ؛ لأنَّ التوبةَ تَجُبُّ ما قبلَها كما قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ”.حديثٌ صحيحٌ رواهُ ابنُ ماجَهْ عن ابنِ مَسعُودٍ. فمن غَفرَ اللهُ لهُ حجَبَ عنهُ العقوبةَ في الدنيا والآخِرَةِ، وهذا معنى قولِهِ “يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي”.

أما قوله: “يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ” من كثرتِها وتراكمِها “ثُمَّ استَغْفَرْتَنِي” أي طلبتَ مني المغفرةَ “غَفَرْتُ لَكَ” سواءٌ قلتَ: “أستغفرُ اللهَ” أو قلتَ: “اللهُمَّ اغفِرْ لي” ونحوَ ذلكَ معَ الاستشعارِ بالحزنِ على ما صدرَ منكَ فإنَّ اللهَ يمحو الخطايا.

ثم قالَ: “يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ” معناهُ لو جاءَ ابنُ ءادمَ بِمِلْءِ الأرضَ خطايا ” ثُمَّ لقِيْتَنِيْ ” بعدَ الموتِ ” لَا تُشْرِك بِيْ شَيْئًَا” بأيِّ نوعٍ مِنْ أَنواعِ الشركِ، لأنَّ الإشراكَ باللهِ هُوَ أكبرُ ذنبٍ يقترِفُهُ العبدُ وهو الذنبُ الذي لا يَغفرُهُ اللهُ لمنْ ماتَ عليهِ ويغفرُ ما دونَ ذلكَ لمن يشاءُ كما قالَ اللهُ تعالى في القرءانِ الكريمِ:”إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ” “سورة النساء/٤٨”.

مِنْ أوَّلِ ما أُنزِلَ على الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يدعوَ الناسَ إلى معرفةِ اللهِ وتوحيدِهِ وتركِ عبادةِ كلِّ ما يُعبدُ مِنْ دونِ اللهِ. فأولُ وأهمُّ فرضٍ هو الإيمانُ باللهِ وبرسولِهِ أي توحيدُهُ تعالى وتجَنُّبُ ما هو مِنْ أنواعِ الشركِ كلِّها.

“لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغفِرَةً” يعني بِمِلْءِ الأرضِ مغفرةً وهذا مِنْ عظيمِ رحمةِ اللهِ جلَّ جلالُهُ بعبادِهِ وإحسانِهِ لهم.

الإسلامُ أصلُهُ طلبُ المغفرةِ مِنَ اللهِ تعالى، عندما يخرجُ الكافرُ مِنَ الكفرِ الذي كانَ فيهِ فيدخلُ في الإسلامِ هذا استغفارٌ، يعني طلبَ مِنَ اللهِ تعالى أن يَمحُوَ هذا الكفرَ، أليسَ وردَ في القرءانِ الكريمِ أنَّ نوحًا عليهِ السلامُ قالَ لقومِهِ عُبّادِ الأَوثانِ “اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ““سورة نوح/١٠” معناهُ اطلبوا الغفرانَ بالإسلامِ أي اطلبوا مغفرةَ كفرِكُم بالدخولِ في الإسلامِ فيغفرَ لكم.
فَلا بُدَّ للعبدِ أَنْ يُبادِرَ إلَى طلبِ عفوِ اللهِ ورحمتِهِ ومغفرتِهِ مقبلًا عليهِ سبحانَهُ راجيًا غفرانَهُ.

أضف تعليق