الصحابية أُمامة بنت أبي العاص بن الربيع


الصحابية أُمامة بنت أبي العاص بن الربيع

الكريمة بنت الكريمة.. حفيدة النبي صلى الله عليه وسلم

صحابية كريمة من ءال بيت النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم. فالحديث عن هؤلاء مُفرح ومؤنس، يهمر القلوب، ويصقل النفوس، ويُهذب الطباع، ويحث على الفضائل. وقد خصها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بحبه ورعايته، ولم يزاحمها على قلبه إلا السبطان ولدا فاطمة الزهراء الحسن والحسين، سيّدا شباب أهل الجنة. فكان صلى الله عليه وسلم يحنو عليها، ويحبها ويكرمها، ويحملها وهي بعد طفلة صغيرة.إنها حفيدته أُمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية. وأما أمها فهي زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزينب أكبر أخواتها، وهي من السيدات المهاجرات الطاهرات. أما جدتها لأمها.. فهي السيدة خديجة بنت خويلد، أم المؤمنين رضي الله عنها، فقد اتصفت بالعفة والشرف، حتى عُرفت بالطاهرة بين نساء مكة في زمانها. وأبوها أبو العاص بن الربيع صهر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته الكبرى زينب، وابن أخت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد هالة بنت خويلد.كان النبي صلى الله عليه وسلم يُثني على أبي العاص في مصاهرته خيرًا، فهو رجل قرشي صميم، يلتقي نسبه من جهة الأب مع الرسول صلى الله عليه وسلم عند عبد مناف بن قصي، فهو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، ويلتقي نسبه من جهة الأم مع زينب بنت النبي الأكرم عند جدهما الأدنى خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.نشأت زينب رضي الله عنها في أطهر بيت، وأتت من خير نسب، حتى تنافست بيوت مكة وأشرافها على الظفر بها عروسًا، وكان من هؤلاء رجل تهيأت له الفرصة أكثر من غيره وهو أبو العاص بن الربيع، ويتقدم أبو العاص، ويوافق النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الزواج فقد كان إلى جانب أصله العريق يتحلى بكريم الخصال، ونبل الأفعال.

ولما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم ، عرضت زينب الإسلام على زوجها فقال لها: لو تبعته قال القوم فارق دين ءابائه إرضاء لزوجته وحميه.. والله ما أبوك عندي بمتهم، وليس أحبّ إلي من أن أسلك معك يا حبيبة في شعب واحد، ولكني أكره أن يقال خذل قومه إرضاء لامرأته. وهاجرت زينب ولحقت بأختيها أم كلثوم وفاطمة، وقبلهما هاجرت رقية..

وكان أبو العاص قد أسر يوم بدر، فأطلق بلا فداء إكرامًا لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أسلم أبو العاص قبيل فتح مكة، وحسُن إسلامه، وردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم زينب، وأصبح أبو العاص أحد فرسان مدرسة النبوة، وأحد الأوفياء من رجال الإسلام. وقد ولدت أمامة في عهد جدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضعت الإيمان مع حليب أمها زينب، فغذتها بزاد التقوى ثم فطمتها على الصلاح، فكانت أمامة كريمة الاصل والنشأة، وكان صلى الله عليه وسلم يأنس بها، وينشرح صدره سرورًا بمرءاها، وأحلّها من قلبه الشريف مكانًا رحبًا، فروى نفسها وغذّى فؤادها من عطفه وحنانه.

فراق زينب

في أوائل السنة الثامنة للهجرة توفيت زينب كبرى بنات النبي صلى الله عليه وسلم، تاركة ابنتها أمامة التي لم تبلغ الحُلُم بعد، وكان فراق زينب أليمًا على النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وعلى ابنتها الصغيرة، وقد أوصى النساء بأن يُحْسِنَّ غسل زينب قبل دفنها. روت أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته زينب، فقال: “اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، بماء وسدر، واجعلنَ في الآخرة كافورًا، أو شيئًا من الكافور، فإذا فرغتن فآذنّني”. فلما فرغنا ءاذناه، فأعطانا حقوه[ إزاره] فقال: “أشعرنها إياه” وصلى عليها صلى الله عليه وسلم، ثم شيّعها إلى مثواها في البقيع في المدينة المنورة.

وعاد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ليجد في حفيدته أمامة ما يُخفف من حزنه على فراق ابنته زينب.

كفالة جدها

لقيت أمامة من حُبّ جدها خير الأنام صلى الله عليه وسلم ما افتقدته برحيل أمها، فهي تذكره بابنته الكبرى زينب التي رحلت إلى الدار الآخرة، فكان يلاعبها ويحملها على عاتقه إذا صلى. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبرّ أمامة، ويخصّها بهداياه كلما كانت مناسبة.وهذا يشير إلى مدى اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته على الأطفال وإكرامه لهم جبرًا لهم ولوالديهم كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري. وهذا من تواضعه ومن شفقته على أمامة.

زواجها

لما توفي أبو العاص بن الربيع في السنة الثانية عشر للهجرة، كان قد أوصى بابنته أمامة إلى ابن خاله الزبير بن العوام رضي الله عنه. تزوجت أمامة بنت أبي العاص من الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد وفاة خالتها السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وقد زوّجها له الزبير، وكانت فاطمة الزهراء رضي الله عنها قد أوصت عليًّا بأن يتزوج بأمامة بعد وفاتها، فتزوجها في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وبقيت أمامة زوجة لعلي حتى قُتل رضي الله عنه فتأثرت أمامة بنت أبي العاص وحزنت لمقتله حزنًا شديدًا، وفقدت بغيابه زوجًا ونصيرًا.وليس لزينب ولا لرقية ولا لأم كلثوم بنات النبي صلى الله عليه وسلم عقب، وإنما العقب لفاطمة رضي الله عنها كما جاء في “الإصابة” و”أسد الغابة”.

رضي الله عن أمامة بنت أبي العاص، وأسكنها فسيح جناته، فقد كانت من أحب أهل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قلبه.

جمعنا الله معها في جنات النعيم ءامين

أضف تعليق