الحمدُ للهِ والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله
قيل في تَرجمتِه:
المعروفُ بِمحمَّد بهاء الدين البخارِيّ وُلِدَ سنَة ٧١٧ هـ في قرية قصر هندوان وهو حُسَيِني، جده محمد جلال الدين، شيخه محمد بابا السَّماسي، قدمه له جده محمد جلال الدين ففرح به وقال: إني قبلت هذا الطفل ولدًا لي وبشّر مريديه بأن هذا المولود سيكون إمامًا لزمانه، وكان جده يريد تربيته تربية صوفية فزوجه وعمره ثمانيةَ عشر عامًا، وأخذه في نفس السنة إلى سماس لخدمة العارف الكبير الشيخ محمد السماسي وتلقى الطريقة منه، وبعد وفاة الشيخ السماسي أخذه جده وذهبا إلى سمرقند للبحث عن رجلٍ صالح قادر على تربيتَهِ، ثم ذهبا إلى السيد أمير هلال خليفة الشيخ السماسي فأخذ الطريقة منه وبدأ بالسلوكِ، وقال أمير كلال له إن الشيخ السماسي أوصاه به وقال له: لا تَألُ جُهدًا بتربيةِ ولدي بهاء الدين ولا بالشفقة عليه. فبدأ بهاء الدين بالذِّكر والفِكر والسّلُوك الصّوفي وكان استعدادُه فوقَ العَادةِ وكانَ يَقطَعُ مسَافةَ شَهرٍ بيَومٍ واحِد ومسَافَةَ عَام بأَيّام، ففي يومٍ منَ الأيّام جمَع السّيد كُلال مُريديه وقال لمحمد بهاء الدين أمامهم: إني نَفّذتُ وصِيّةَ مُرشِدي السّماسِي بتَربِيتِكَ ولم ءالُ جُهدًا في تربيتكَ، ثم مَدّ يَدَهُ إلى صَدرِه وقال إني أَرضَعتُكَ مَا في صَدرِي فتمَكّنتُ مِن تخلِيصِكَ مِنَ الشّيطان وأصبَحتَ رَجُلاً عَظِيمًا، وأَنَبتُكَ مَحلَّ نَفسِي ولكن هِمّتُك تتَطَلَّبُ العَالي وهذَا مُنتَهى مَقدِرَتي على تَربِيَتِكَ وأُجِيزُكَ لتَبحَث عن رجُلٍ أَصلَح مِني لَعلَّه يَعرجُ بكَ إلى مَقامٍ أَعلَى.
وبعدَ أن تَركَ السّيد أَمِير كُلال وقَضَى سَبعَ سنَوات مع مَولانا عَارف الدّيك كراني وهو أحَد خلَفاء كُلال وصَاحَبَه وقفَّى اثنا عشْرَة سَنة معَ شَيخٍ تُركِيّ اسمُه خَليل ءاني، فَكانَ عاشِقًا للعُبودِيّة والسّلُوك، وكانَ بهاء الدِّين بالإضافَةِ إلى السّلُوك يَتنَقّل بينَ عُلَماءِ الشّرع ولاسِيّمَا السّنة النبوية لدِراستها، وقد رَبى عشَراتِ الألُوف منَ المرِيدِين وقَد وصَل بعضُهم درجَة الإجَازة، وبفَيضِ بركَاتِه تمكَّن خلُفاؤه ونُوّابُه إبلاغَ مُرِيدِيهم إلى غَاياتهِم، وأَحَدُهم هو خَواجَا محمد بارسَا الذي ولِدَ في بخَارى سنة ٧٤٩هـ وتوفي في بلْخ.