أكثر اللغوين والبلاغيون من الكلام عن البلاغة وتعريفها، فقال النويري في نهاية “نهاية الأرب” :
(أما البلاغة فهي أن يبلغ الرجل بعبارته كُنْهَ ما في نفسه. ولا يسمى البليغ بليغًا إلا إذا جمع المعنى الكثير في اللفظ القليل، وهو المسمى بالإيجاز).
وقيل للخليل بن أحمد: ما البلاغة؟ فقال: ما قَرُب طرفاه وبَعُدَ منتهاه.
وقيل لبعض البلغاء: من البليغ؟ فقال: الذي إذا قال أسرع، وإذا أسرع أبدع، وإذا أبدع حرّك كل نفس بما أودع.
وقال أحدهم: لا يستحق الكلام اسم البلاغة حتى يكون معناه إلى قلبك أسبق من لفظه إلى سمعك.
وسأل الفضيل أعرابيًا: ما البلاغة؟ فقال الأعرابي: الإيجاز في غير عجز والإطناب في غير خَطَل.
وسأل معاوية صُحارًا العبدي: ما البلاغة؟ فقال: أن تجيب فلا تبطئ وتصيب فلا تخطئ.
وأما قدامة فعرّف البلاغة بقوله: البلاغة ثلاثة مذاهب: المساواة وهو مطابقة اللفظ المعنى لا زائدًا ولا ناقصًا، والإشارة وهو أن يكون اللفظ كاللمحة الدّالة، والدليل وهو إعادة الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد ليظهر لمن لم يفهمه ويتأكد عند من فَهِمه.
وقال ءاخر: خير البيان ما كان مُصرِّحًا عن المعنى ليُسرع إلى الفهم تلَقّيه، وموجزًا ليخفّ على اللسان تعهده.