بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربّ العالمين، والصلاة والسلام على النبيّ العربيّ الأمين.
استعرضنا في الفصول السابقة المراحل التي مرَّ فيها المسجد الحرام بدءًا من العصر الجاهلي، مرورًا بعهد النبوة، وحتى أوائل عهد الخلافة الأموية. وكان لا بدَّ من محطات نقفُ عندها لنسلطَ الضوء على ناحيةٍ مهمة متعلقة بعَمارة المسجد الحرام أو بتاريخ مكة المكرمة لتشكلَ إضافةً مهمة في هذا البحث، وانطلاقًا من هنا، فإن محطتنا في هذا الفصل ستكون حول موضوع الحجر الأسود ومقامِ إبراهيم والحطيم ونحو ذلك.
ويذكر صاحبُ “شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام” روايةً عن الأزرقيّ في “تاريخ مكة” عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ اللهَ تعالى أنزلَ الركنَ، يعني الحجرَ الأسود، والمقامَ مع ءادم عليه السلام ليلةَ نزل ليستأنسَ بهما، وأنَّ الله تعالى استودع الحجرَ أبا قبيس حين غَرَّق الأرضَ زمن نوح عليه السلام. فلما بنى الخليلُ عليه السلام البيت، جاءهُ جبريلُ عليه السلام بالحجر الأسود ، فوضعه الخليلُ موضعَه من البيت. ثم إنَّ قبيلة “جُرهم” بعد ذلك دفنوا الحجر في زمزم حتى أبصرته امرأةٌ من خزاعة وأخبرتْ بذلك قومَها ، فأعلم قومُها بذلك مضرًا على أنْ تكونَ ولايةُ البيتِ لخزاعة.