(مَعْنَى أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَعْلَمُ وَأَعْتَقِدُ) وَأُصَدِّقُ وَأُذْعِنُ بِقَلْبِي (وَأَعْتَرِفُ) بِلِسَانِي (أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْقُرَشِيَّ) الْمَنْسُوبَ إِلَى قَبِيلَةِ قُرَيْشٍ هُوَ (عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ) مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ (وَيَتْبَعُ ذَلِكَ اعْتِقَادُ أَنَّهُ وُلِدَ بِمَكَّةَ وَبُعِثَ بِهَا) أَيْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِالنُّبُوَّةِ وَهُوَ مُسْتَوْطِنٌ فِيهَا (وَهَاجَرَ) مِنْ مَكَّةَ (إِلَى الْمَدِينَةِ) ومَاتَ (وَدُفِنَ فِيهَا وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ) أَيْضًا اعْتِقَادُ (أَنَّهُ صَادِقٌ فِي جَمِيعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَبَلَّغَهُ عَنِ اللَّهِ) مِنَ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْريِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَلا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ فِيهِا، وَأَمَّا مَا يُخْبِرُ بِهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا بِغَيْرِ وَحْيٍ فَيَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ فِيهِا كَمَسْأَلَةِ تَلْقِيحِ النَّخْلِ، وَقَوْلُهُ (فَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَذَابُ الْقَبْرِ) وَهُوَ بِالرُّوحِ وَالْجَسَدِ كَرُؤْيَةِ الْكَافِرِ فِي قَبْرِهِ لِمَقْعَدِهِ الَّذِي يَقْعُدُهُ فِي النَّارِ فِي الآخِرَةِ وَانْزِعَاجِ بَعْضِ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَوَحْشَتِهِ (وَنَعِيمُهُ) كَتَوْسِيعِ الْقَبْرِ وَتَنْوِيرِهِ بِنُورٍ يُشْبِهُ نُورَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لِلْمُؤْمِنِ التَّقِيِّ (وَسُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ) فَيُسْأَلُ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ عَنِ اعْتِقَادِهِ الَّذِي مَاتَ عَلَيْهِ (وَالْبَعْثُ) وَهُوَ خُرُوجُ الْمَوْتَى مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ إِحْيَائِهِمْ بِإِعَادَةِ الأَجْسَادِ وَإِعَادَةِ الأَرْوَاحِ إِلَيْهَا (وَالْحَشْرُ) وَهُوَ أَنْ يُجْمَعَ الْخَلْقُ وَيُسَاقُوا بَعْدَ بَعْثِهِمْ إِلَى الْمَحْشَرِ (وَالْقِيَامَةُ) وَأَوَّلُهَا مِنَ الْبَعْثِ إِلَى دُخُولِ فَرِيقٍ إِلَى الْجَنَّةِ وَفَرِيقٍ إِلَى النَّارِ (وَالْحِسَابُ) بعَرْضِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ عَلَيْهِمْ (وَالثَّوَابُ) وَهُوَ الْجَزَاءُ الَّذِي يُجَازَاهُ الْمُؤْمِنُ فِي الآخِرَةِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ مِمَّا يَسُرُّهُ (وَالْعَذَابُ) وَهُوَ مَا يَسُوءُ الْعَبْدَ فِي الآخِرَةِ مِنْ دُخُولِ النَّارِ وَمَا دُونَ ذَلِكَ مِنَ الْعُقُوبَاتِ عَلَى الْمَعَاصِي (وَالْمِيزَانُ) الَّذِي تُوزَنُ عَلَيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ (وَالنَّارُ) أَيْ جَهَنَّمَ وَهِيَ دَارُ الْعَذَابِ الدَّائِمِ لِلْكَافِرِينَ، وَأَمَّا بَعْضُ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ فَيُعَذَّبُونَ فِيهَا مُدَّةً ثُمَّ يُخْرَجُونَ مِنْهَا (وَالصِّرَاطُ) وَهُوَ جِسْرٌ يُمَدُّ عَلَى ظَهْرِ جَهَنَّمَ فَيَرِدُهُ النَّاسُ جَمِيعًا فَمِنْهُمْ مَنْ يَنْجُو وَمِنْهُمْ مَنْ يَقَعُ فِيهَا (وَالْحَوْضُ) وَهُوَ مَكَانٌ أَعَدَّ اللَّهُ فِيهِ شَرَابًا لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَشْرَبُونَ مِنْهُ قَبْلَ دُخُولِ الْجَنَّةِ فَلا يُصِيبُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ظَمَأٌ (وَالشَّفَاعَةُ) وَمَعْنَاهَا طَلَبُ إِسْقَاطِ الْعِقَابِ لِبَعْضِ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ يَكُونُ قَبْلَ دُخُولِ النَّارِ أَوْ بَعْدَهُ (وَالْجَنَّةُ) وَهِيَ دَارُ النَّعِيمِ الدَّائِمِ لِلْمُؤْمِنِينَ (وَالرُّؤْيَةُ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْعَيْنِ فِي الآخِرَةِ) بِأَنَّهَا حَقٌّ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ وَهُمْ فِي الْجَنَّةِ (بِلا كَيْفٍ وَلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ) وَلا تَشْبِيهٍ (أَيْ لا كَمَا يُرَى الْمَخْلُوقُ وَالْخُلُودُ فِيهِمَا) أَيِ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَأَنَّهُ لا مَوْتَ بَعْدَ ذَلِكَ (وَالإِيمَانُ بِمَلائِكَةِ اللَّهِ) أَيْ بِوُجُودِهِمْ وَأَنَّهُمْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (وَرُسُلِهِ) أَيْ أَنْبِيَائِهِ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ رَسُولا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ وَأَوَّلُهُمْ ءَادَمُ وَءَاخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَأَنَّ جَمِيعَهُمْ كَانُوا عَلَى الإِسْلامِ وَدَعَوُا النَّاسَ إِلَيْهِ (وَكُتُبِهِ) وَأَشْهَرُهَا أَرْبَعَةٌ الْقُرْءَانُ وَالتَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ (وَ) الإِيمَانُ (بِالْقَدَرِ) الَّذِي هُوَ صِفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَالرِّضَا بِهِ وَلا يُكُونُ إِلا حَسَنًا كَسَائِرِ صِفَاتِهِ وَأَنَّ كُلَّ مَقْدُورٍ (خَيْرِهِ وَشَرِّهِ) وُجِدَ بِخَلْقِ اللَّهِ وَتَقْدِيرِهِ الأَزَلِيَّيْنِ (وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ) أَيْ ءَاخِرُهُمْ فَلا نَبِيَّ بَعْدَهُ (وَأَنَّهُ سَيِّدُ وَلِدِ ءَادَمَ أَجْمَعِينَ) فَهُوَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَأَعْلاهُمْ مَنْزِلَةً (وَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ يَجِبُ أَنَّ يَكُونُ مُتَّصِفًا بِالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ) فَلا يَكْذِبُونَ وَلا يَجْحَدُونَ مَا ائْتَمَنَهُمُ النَّاسُ عَلَيْهِ (وَ) تَجِبُ لَهُمُ (الْفَطَانَةُ) أَيِ الذَّكَاءُ (فَـ) يُعْلَمُ مِمَّا مَضَى أَنَّهُ (يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ وَالْخِيَانَةُ) لأَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ يُنَافِي مَنْصِبَ النُّبُوَّةِ (وَالرَّذَالَةُ) أَيِ الْخِسَّةُ فَلَيْسَ فِي الأَنْبِيَاءِ مَنْ يَخْتَلِسُ النَّظَرَ إِلَى النِّسَاءِ الأَجْنَبِيَاتِ بِشَهْوَةٍ (وَ) يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ (السَّفَاهَةُ) وَهِيَ التَّصَرُّفُ بِخِلافِ الْحِكْمَةِ فَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ أَلْفَاظًا شَنِيَعًة تَسْتَقْبِحُهَا النُّفُوسُ (وَ) يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ (الْبَلادَةُ) أَيِ الْغَبَاوَةُ فَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ بَلِيدُ الذِّهْنِ أَوْ ضَعِيفُ الْفَهْمِ (وَ) يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ (الْجُبْنُ) أَمَّا الْخَوْفُ الطَّبِيعِيُّ فَلا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ يَسْتَحِيلُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ سَبْقُ اللِّسَانِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَالْعَادِيَاتِ (وَ) يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا (كُلُّ مَا يُنَفِرُ) النَّاسَ (عَنْ قَبُولِ الدَّعْوَةِ مِنْهُمْ) كَالأَمْرَاضِ الْمُنَفِّرَةِ (وَتَجِبُ لَهُمُ الْعِصْمَةُ) أَيِ الْحِفْظُ (مِنَ الْكُفْرِ وَالْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ) والدَّنَاءَةِ كَسَرِقَةِ حَبَّةِ عِنَبٍ (قَبْلَ النُّبُوَّةِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِمْ بِالنُّبُوَّةِ (وَبَعْدَهَا وَيَجُوزُ عَلَيْهِمْ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي) الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خِسَّةٌ وَلا دَنَاءَةٌ كَمَا حَصَلَ مَعَ سَيِّدِنَا ءَادَمَ (لَكِنْ) إِنْ حَصَلَ ذَلِكَ (يُنَبَّهُونَ فَوْرًا لِلتَّوْبَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ) أَيْ بِالأَنْبِيَاءِ (فِيهَا) أَيْ فِي تِلْكَ الصَّغِيرَةِ (غَيْرُهُمْ) مِنْ أُمَمِهِمْ (فَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ النُّبُوَّةَ لا تَصِحُّ لإِخْوَةِ يُوسُفَ) وَهُمُ الْعَشَرَةُ (الَّذِينَ فَعَلُوا تِلْكَ الأَفَاعِيلَ الْخَسِيسَةَ) مِنْ ضَرْبِهِمْ لِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَرَمْيِهِمْ لَهُ فِي الْبِئْرِ (وَهُمْ مَنْ سِوَى بِنْيَامِينَ) الَّذِي لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِيمَا فَعَلُوهُ (وَالأَسْبَاطُ الَّذِينَ) ذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْءَانِ وَ(أَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْوَحْيَ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ ءَاذَوْهُ بَلْ (هُمْ مَنْ نُبِّئَ) أَيْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ بِالنُّبُوَّةِ (مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ) وَالسِّبْطُ فِي اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ.