قال الله تعالى:[ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى].
كان الإسراء والمعراج في جزء من ليلة واحده بروح النبي وجسده والمقصود منه إطلاع الرسول على عجائب في العالم العلوي وتشريفه وتعظيم مكانته وليس المقصود من المعراج وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكان ينتهي إليه وجود الله فإن الله تعالى موجود بلا مكان.
وأما قوله تعالى :[ ثم دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى] فالمقصود به جبريل والذي دنا من سيدنا محمد فتدلى إليه وكان قدر مابينهما من المسافة قدر ذراعين بل أقرب من ذلك ,
فإن الله سبحانه وتعالى ليس جسما بل هو خالق الجسم والجسم لا يخلق الجسم،
وفي إسرائه صلى الله عليه وسلم مرّ النبي مع جبريل على البراق الذي كان يركبه على طور سيناء وقال له جبريل : انزل فصلّ ركعتين فنزل فصلى ركعتين في المكان الذي وقف فيه موسى لتلقي الوحي من الله
ولما وصلا إلى بيت لحم حيث ولد عيسى قال له : انزل فصلّ ركعتين فنزل فصلى ركعتين وفي هذا دليل على استحسان تتبع الأماكن التي كان فيها الأنبياء والصالحون للتبرك بها
ولما وصل إلى بيت المقدس اجتمع بجميع الأنبياء وصلى بهم إماما تشريفا له صلى الله عليه وسلم
وفي هذا دليل على حياة الأنبياء البرزخيّة وعدم بلى أجسادهم قال عليه الصلاة والسلام :[ الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون]رواه الحافظان البزار والبيهقي
وفي هذا دليل على ان الأنبياء كانوا على دين واحد هو الإسلام وأن الصلاة كانت في شرائع جميع الأنبياء وقد كان ارتقاء النبي إلى السموات بمرقاة شبه سلّم حيث استقبله في السموات ثمانية من الأنبياء :ءادم وإبراهيم وموسى وهارون وعيسى وإدريس ويحيى ويوسف
فلما التقى موسى سأله ماذا افترض الله على أمته من الصلاة فقال خمسون فقال ارجع إلى ربك واسأله التخفيف أي إلى المكان الذي تتلقى فيه الوحيَّ من الله فذهب ورجع إلى موسى يخبره أن الله خفف عن أمته خمسَ صلوات فسأله أن يرجع ليسأل الله التخفيف ففعل وما زال يفعل ذلك حتى بقيت خمسُ صلوات ثوابهن بخمسين
وفيما فعل موسى فائدة عظيمة لأمة محمد وقد حصل منه هذا النفع بعد وفاته كما هو ظاهر وفي هذا ردّ على القائلين إن الأنبياء والصالحين لاينفعون بعد موتهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ حياتي خير لكم ومماتي خير لكم تحدثون ويحدَث لكم وتعرض عليّ أعمالكم فما وجدت من خير حمدت الله وما وجدت غير ذلك استغفرت لكم] فهذا الحديث دليل على أن النبي ينفع في حياته وبعد موته وذلك لأنه يستغفر الله بعد موته لأمته إذا وجد شرا فعلوه.
والله أعلم وأحكم