معنى بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله تبارك وتعالى: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (1)}

ومعنى بِسمِ اللهِ أي أبتدئُ بسم الله متبركًا به، وفيه تعليم عباده كيف يتبرّكون باسمه وكيف يُعظّمونه.

وقيل بأن اشتقاق التسمية من السُّمو وهو الرفعة؛ لأن التسمية تنويه بالمُسمّى وإشادة بذكره. وقيل في التسمية اشتقاق من السِّمة وهي العلامة.

ولفظ الجلالة “الله” عَلَمٌ للذات المقدس يدلُّ على الذات المقدس المستحق لنهاية التعظيم وغاية الخشوع والخضوع. و”الله” أصله الإله وهو من له الإلهية وهي القدرة على الاختراع أي إيجاد الأشياء من العدم إلى الوجود.

والإله هو المعبود بحقٍّ، إلَّا أنَّ المشركين سموا به معبوداتهم الباطلة، كما ذكر ذلك الفيومي صاحب المصباح، ولا يصح القول إنه يُطلق على كل معبود بحق أو باطل ثم غُلِّب على المعبود بحق؛ لأنه لو كان يصح إطلاق كلمة إله على المعبود بحق أو بغير حق، كيف يصح قول لا إله إلَّا الله. فلفظ الجلالة “الله” مختص بالله ولا يصح إطلاقه على غيره.
وهو اسم غير صفة لأنك تصفه ولا تصف به، لا تقول شىءٌ إله كما لا تقول شىءٌ رَجلٌ. وتقول الله واحدٌ صمدٌ؛ لأن صفاته تعالى لا بُدَّ لها من موصوف تجري عليه، فلو جعلتها كلها صفات لبقيت صفات غير جارية على اسم موصوف بها وذا لا يجوز.

ولا اشتقاق لهذا الاسم عند الخليل الفراهيدي، والزَّجَّاج، ومحمد بن الحسن الشيباني، والحسين بن الفضل البجلي. فاسم الله عَلَمٌ غير مشتق وهو مرتجلٌ أي ليس مشتقًّا من لفظ ءاخر.
فالعليم مشتق من العِلْمِ من عَلِمَ يعلَم، أما لفظ الجلالة “الله” لم يشتق من لفظ ءاخر، ولا يطلق على غير الله بالمرة. ومرتجل معناه لم يسبق له استعمال قبل العلمية في غيرها، أي غير مكتسب من الغير ولم يُسمَ به غير الله.
و “الله” هذا الاسم أكبر أسمائه سبحانه وأجمعها، حتى قال العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسمَ به غيره؛ ولذلك لم يُثنَ ولم يجمع، وهو أحد أقوال تأويل قوله تعالى: {هل تعلم له سميا} أي من تسمى باسمه الذي هو “الله”، فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهية، المنعوت بنعوت الربوبية، لا إله إلا هو سبحانه.

وذهب جماعة من العلماء منهم الشافعي وأبو المعالي والخطابي والغزالي والمفضل وغيرهم، وروي عن الخليل وسيبويه: أن الألف واللام في لفظ “الله” لازمة له لا يجوز حذفهما منه. قال الخطابي: والدليل على أن الألف واللام من بنية هذا الاسم، ولم يدخلا للتعريف: دخول حرف النداء عليه؛ كقولك: يا الله، وحروف النداء لا تجتمع مع الألف واللام للتعريف؛ ألا ترى أنك لا تقول: يا الرحمن ولا: يا الرحيم، كما تقول: يا الله، فدل على أنهما من بنية الاسم، والله أعلم.

و{الرَّحْمَٰنِ} الذي وسعت رحمته كل شىء، ورحمة الله وسعت كل مؤمن وكافر في الدُّنيا. وفي الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم؛ لأن في الرحيم زيادة واحدة وفي الرحمن زيادتين، وزيادة اللفظ تدل على زيادة المعنى ولذا جاء في الدعاء: “يا رحمن الدُّنيا” لأنه يعم المؤمن والكافر، “ورحيم الآخرة” لأنه يخص المؤمن.
وقال العلماء: الرحمن خاص تسمية، (لأنه لا يوصف به غيره)، وعام معنًى (كما بيَّنَّا) لأن معناه بحسب اللغة كثير الرحمة.

و {الرَّحِيمِ} يوصف به غيره، ويقال رجل رحيم، ويخص المؤمنين.
ويروى عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال في قوله {بسم الله} : إنه شفاء من كل داء، وعون على كل دواء، وأما الرحمن فهو عون لكل من ءامن به، وهو اسم لم يسمَ به غيره، وأما الرحيم فهو لمن تاب وءامن وعمل صالحا.

قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}
عن الحسن وقتادة في قوله: “ورحمتي وسعت كل شىء”، قالا: وسعت في الدُّنيا البَرَّ والفاجر، وهي يوم القيامة للذين اتَّقوا خاصَّةً.

والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم

أضف تعليق