انشقاق القمر

 

الله تعالى يهدي من يشاء

كان كفارُ مكة طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلّم طلب منه مشركو مكة، أن يريَهم انشقاق القمر فأراهم الله تعالى بقدرته شقّ القمر فكان جزءٌ من القمر فوق جبل أبِي قُبَيس وجزءٌ منه دون الجبل فشاهدَ المشركون بأعينهم القمرَ قد انشقّ شاهدوا بأعينهم . فمن كان أسلم قبل ذلك ازداد ايماناً وتصديقاً برسول الله حيث إنه حقّق لهم بقدرة الله بإذن الله ما اقترحوا عليه . انشق القمر ازدادوا إيماناً من كان مؤمناً قبل ذلك ازداد إيماناً، وأما المشركون الذين لم يشأ الله تعالى أن يهتدوا مع أنهم شاهدوا بأعينهم القمر قد انشق، لم يُسلموا بل قالوا سحر قالوا : سَحَرَنا محمد بدل أن يقولوا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمداً رسول الله . بدل أن يقولوا ذلك، قالوا : سَحَرَنا محمّد مع أنهم حتى يتأكدوا قالوا فيما بينهم نسأل الكفار أي الذين كانوا خارجَ مكة تلك الساعة نسألهم إن كانوا رأوا كما رأينا أم لا فصاروا يسألون السُّفَّار . الناس المسافرين القادمين إلى جهة مكة، صاروا يسألونهم هل رأيتم انشقاق القمر ؟ قالوا : نعم رأينا . مع هذا بما أن الله تعالى ما شاء لهم السعادة ما ءامنوا .
وهكذا الناس الآخرون كثير منهم لم يهتدوا بالمعجزات لأن الله تعالى ما شاء لكلِّ من رأى المعجزة أن يهتدي . إنما شاء لقسم منهم أن يهتدوا بهذه المعجزة ولم يشأ لآخرين أن يهتدوا مع أنهم رأوا المعجزة كما رءاها الذين اهتدَوا بسببها . هؤلاء رأوا وهؤلاء رأوا لكنّ هؤلاء اهتدوا بسبب هذه المعجزة ءامنوا بالله ورسوله وهؤلاء لم يهتدوا بل ثبتوا على شركهم وكُفرهم .
هذا موسى عليه السلام بعد أن شاهدوا منه العجائب شاهدوا منه المعجزات منهم من ءامن فثبت على الإيمان ومنهم من لم يؤمن ومنهم من كفر بعد أن ءامن . هؤلاء الذين جاوز موسى بهُم البحر، فلق الله تعالى لهُم البحرَ فصار البحر أثني عشر فرقاً كل فرق كالطَّود العظيم، كالجبل العظيم فهؤلاء أنفسهم بعد أن خلصهم موسى بفضل الله تعالى من فرعون الذي كان يَستعبدهُم بعد أن خلصهم منه، وأغرق فرعونَ عدو موسى بهذا البحر الذي فلقه الله تعالى لموسى وأمته الذين ءامنوا معه بهذا البحر أغرقه اللهُ تعالى وجيشه الذي كان ألفَ ألفٍ أي مليوناً أغرقهم الله تعالى بهذا البحر الذي فلقه لموسى ومن ءامن به هؤلاء أنفسهم بعد أن تركهم موسى وذهب لميقات ربه، أي لسماع كلام اللهِ الأزليّ، الذي لا يُشبه كلامَ العالمين ومكث أربعين ليلة غائباً عنهم وكان فيهم أخوه هارون، نبي الله رسول الله، فتَنهم هذا الرجل الذي يُسمَّى موسى السامري فجعلهم يعبدون العجل، العجلَ الذي صاغه موسى السامريّ من ذَهَب عبدوه لما وسوَس إليهم قال لهم كان يظهر منه صوت بقدرة الله تعالى . هذا العجل صار يطلَع منه صوت كأنه ثور من البَقَر يطلع منه صوت يخور يصيح فقال لهم هذا المفتون موسى السامري : هذا إلهكم وإلهُ موسى إنّما موسى أضلَّ إلَههُ ما عرفَ مكانَ إلهه . قال عن موسى ابن عِمران ما عرف مكانه . هذا إلهُكم فوافقوه كثيرٌ منهم فكفروا بالله مع أن زمانَهم وعهدَهم بتلك المعجزة العظيمة لم يكن بعيدا تجاوز موسى بهم البحر ثم قبل ان يصل بهم إلى برّ الشام تركهم في أرض وذَهب لميقات ربه فكفروا . رجعوا إلى مثل الكفر الذي كان فيه قومُ فرعون فتنهم هذا الخبيث موسى السامري مع أنهم قريبو عهد بتلك المعجزة الباهرة . اهـ

رحم الله من كتبه ومن نشره

أضف تعليق