الرُبَيِّعُ بنت مُعّوذ الأنصارية
من بني عدي بن النجار، إحدى السابقات إلى الإسلام من نساء الأنصار الفاضلات.
وجدّتها لأبيها عفراء بنت عبيد الأنصارية، وهي أمّ سبعة رجال كلهم شهدوا بدرًا مع النبي صلى الله عليه وسلم وثلاثة منهم استشهدوا في تلك الغزوة، وأختها فريعة بنت معوّذ، صحابية جليلة، ويروي ابن عبد البرّ صاحب كتاب “الاستيعاب” أنها كانت مُجابة الدعوة.
أسلمت الرُبَيّعُ في المدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها، وكانت صغيرة السن. ولما نزل عليه الصلاة والسلام في بيت أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه بالمدينة، خرجت جوار بني النّجار مستبشرات بقدومه صلى الله عليه وسلم فرحات وهنّ ينشدن:
نحنُ جوارٍٍ من بني النجارِ … يا حبّذا محمدٌ من جارِ
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الله يعلم إني لأحبكنّ).
وكان النبي عطوفًا يُكرم الأنصار وأبناءهم ، ويعطيهم كل رعاية واهتمام. ونتكلم في هذا الموضوع عن الرُبَيّعُ رضي الله عنها وهي من الصحابيات اللواتي حظين بصحبته ورعايته صلى الله عليه وسلم. فقد زارها النبيّ العظيم صلى الله عليه وسلم صبيحة عرسها بعد غزوة بدر إكرامًا لها، وتعليمًا للنّسوة لما فيه خيرهنّ في الدنيا والآخرة.
الرُبَيّعُ بنت مُعَوّذ من أسرة فاضلة طيبة الأعراق، عُرفت بالمكارم من أول يوم عرفت فيه الإسلام. فأبوها مُعّوذ بن عفراء مِمّنْ شَهِد العقبة وبدرًا، واشترك مع عمّها في قتل أبي جهل فرعون هذه الأمة.
وذكر بعض المؤرخين أن مُعَوّذًا شهد بدرًا مع أخويه وقتل أبا جهل ثم قاتل حتى قُتل رضي الله عنه. وقد سبق الفضل لمعوّذ قبل بدر، إذ كان أحد السبعين ليلة العقبة مع أخويه معاذ وعوف. وبنو عفراء تركوا حسرة وألمًا في قلوب المشركين يوم بدر.
وكانت الربيّع تفتخر بأبيها الذي قتل أبا جهل.
تابعت الصحابية الجليلة الرُبَيِّعُ بنت معوّذ رحلتها التي بدأها والدها في بدر، فساهمت بشكل فعّال في سقي المرضى ومداواة الجرحى.
بيعة الرضوان
في ساعة مباركة في السنة السادسة من الهجرة انضمتْ الرُبَيِّعُ إلى المجموعة المباركة التي بايعت النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة بالحديبية . وكانوا فيما رواه جابر بن عبد الله ألفًا وأربعمائة من المهاجرين والأنصار، بنفوسهم الراضية، وقلوبهم المطمئنة حتى نالوا رضى الله سبحانه.
رواية الحديث
أحبت الرُبَيِّعُ بنت مُعَوّذ العلم، فكانت كثيرة التردد على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تأخذ عنها العلم، ولهذا حفظت وروت عن النبي واحدًا وعشرين حديثًا.
وروى عنها عدد من أجلاء التابعين وعلمائهم من الرجال والنساء منهم: عائشة بنت أنس بن مالك، وسليمان بن يسار، وأبو عبيدة بن عمّار بن ياسر وءاخرون.
فمنْ مَروياتها ما رُوِي في الصحيحين (البخاري ومسلم) عن خالد بن ذكوان عن الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأنصَارِ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا وَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإفطَارِ.
والرُبَيِّعُ رضي الله عنها هي الصحابية التي روت صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخرج ابن ماجه بسنده عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا.
كما وصفت الرُبَيِّع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفًا جميلا رائعًا، فقد روى أبو عبيدة بن عمّار بن ياسر قال: قُلتُ للربيّع بنت معوّذ بن عفراء: صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا بنيّ لو رأيتَهُ لرأيتَ الشمس طالعة.
هدية نبوية
كانت الرُبَيِّعُ رضي الله عنها تُهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما يتوفر عندها من الطعام ممّا يُعجب النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يأكل عندها ويقبل هديتها ويكرمها. فقد رُوِي عنها أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم بقناع من رُطبٍ، وءاخر من عنب، فناولها النبي صلى الله عليه وسلم حليًا أو ذهبًا، وقال: تحلّي بهذا.
وفاتها
أمّا عن وفاتها فقد جاء في بعض المصادر أنها توفيت سنة 37 هـ فيما أشارت مصادر أخرى أنها توفيت سنة 45 هـ. بعد أن تركت سيرة عطرة لصحابية صادقة صابرة تركت ءاثارًا وضيئة من العلم والخير رضي الله عنها وعن أبيها وسائر الصحابة الأبرار.