رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ماذا عساه المرء أن يقول في سيدة جليلة طاهرة صحابية مشهورة معروفة من بيت طهارة ونسب وشرف، وعراقة مجد وحسب ومروءة وسؤدد، إنها ثمرة طاهرة تلقت العناية والرعاية، ونشأت في أطهر بيت، وأتت من خير نسب، رقية بنت سيد البشر محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، الهاشمية، زوج عثمان بن عفان وأم ابنه عبد الله.
أُمُّهَا: خَدِيْجَةُ بِنْت خويلد رضي الله عنها.
روى الزبير بن بكار، عن عمه مصعب بن عَبْد الله:
أن خديجة ولدت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم- من الإناث- فاطِمَة، وزينب، ورقية، وأم كُلْثُوم.
وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد زوّج ابنته رقية من عتبة ابن أبي لهب وزّوج أختها أم كُلْثُوم من عُتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة تبّت يدا أبي لهب وتب قال لهما أبوهما أبو لهب، وأمهما أم جميل بِنْت حرب بن أميَّة حمالة الحطب: فارقا ابِنْتي مُحَمَّد.
ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما كرامة من الله تعالى وهوانًا لابنَي أبي لهب.
فتزوج عُثْمان بن عَفَّان رقية بمَكَّة، وهاجرت معه إلى الحبشة، وولدت له هناك ولدًا، فسماه عَبْد الله. وكان عُثْمان يُكنّى به، فبلغ الغلام ست سنين فنقر عينه ديك، فورم وجهه ومرض ومات، وكان موته في جمادى الأولى سنة أربع، وصلى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونزل أبوه عُثْمان في حفرته.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى الحَبَشَةِ الهِجْرَتَيْنِ جَمِيْعًا. ثُمَّ هَاجَرَتْ إِلَى المَدِيْنَةِ بَعْدَ عُثْمَانَ، وَمَرِضَتْ قُبَيْلَ بَدْرٍ.
ولما سار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى بدر كانت ابنته رقية مريضة، فتخلف عليها عُثْمان بأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له بذلك، فتوفيت يوم وصول زيد بن حارثة مبشرًا بظفر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمشركين، وكانت قد أصابتها الحصبة، فماتت بها. وقيل: ماتت قبل وصول زيد، ودفنت عند ورود زيد، فبينما هم يدفنونها سمع الناس التكبير، فقال عُثْمان: ما هذا التكبير؟ فنظروا فإذا زيد على ناقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الجدعاء بشيرًا بقتلى بدر والغنيمة، وضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعُثْمان بسهمه وأجره، فكان كمن شهدها، أي أنه معدود من البدريين. ولا خلاف بين أهل السير في ذلك.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُوْلِ اللهِ، قَالَ: (الْحَقِي بِسَلَفِنَا عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ).
فَبَكَتِ النِّسَاءُ عَلَيْهَا؛ وَقَعَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى شَفِيْرِ القَبْرِ إِلَى جَنْبِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَتْ تَبْكِي؛ فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ الدَّمْعَ عَنْ عَيْنِهَا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ.
رضي الله عنها وجمعنا بها في جنات النعيم.