يحكى أنه بينما كان رجلٌ يمشي في صحراء، وقع نظره على شجرة ينام تحتها أعرابي، فوجه ناقته نحوه، فرآه يتحرك، فنزل عن ناقته وسأله ما به، فأخبره أنه عطشان جائع ، فأخرج زقًا فسقاه مرة بعد مرة، حتى ارتوى وقام، ثم حمله بعد ذلك على الناقة وأخذ يكلمه حتى يسليه، وما هي إلا ساعة من الوقت، حتى دفع الأعرابي صاحب الناقة فأوقعه عنها وجرى بها، فعجب صاحب الناقة من هذه الفعلة، ووكل أمره إلى الله، ثم سار على قدميه مسافة، فلمح سوادا من بعيد، وظل يقترب منه حتى أبصر ناقته فجرى نحوها، فوجد الأعرابي جاثما بقربها وقد كسرت ساقه، فأسعفه وقال له: ما الذي دفعك إلى ما فعلت؟! فرد الأعرابي قائلا: سوء الخلق، قال الأعرابي: وما دفعك أنت إلى إطعامي وإسعافي؟ قال الرجل: حسن الخلق وسلامة الإيمان.
قال الأعرابي: صدقت، وهذا ما لم نتعلمه.
رفع الرجل الأعرابي على ناقته، وجعله أمامه، ومازال سائرا به حتى أوصله حماه وأهله.
وعندما أوصله قال له: لا تقصص ما جرى على أهلك وذويك.
قال الأعرابي: ولمَ؟
قال الرجل: حتى لا تنقطع المروءة بين الناس.
قال الرجل: لكن أهلي يريدون إكرامك على حسن صنيعك.
قال الرجل: إنني لا ءاخذ على معروف أجرا، ثم سار لا يتلفت وراءه
مروءة رجل