عَرَّف المكان جمعٌ من اللغويين وأهل العلم، ونقتصر على ذكر البعض،
1- فقد قال اللغوي أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (502هـ) ما نصه: “المكان عند أهل اللغة الموضع الحاوي للشىء” اهـ.
________________________________________
2ـ وقال اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزءابادي صاحب القاموس (817هـ) ما نصه: “المكان: الموضع، ج: أمكنة وأماكن” اهـ.
________________________________________
3 ـ وقال العلامة كمال الدين أحمد بن حسن البَياضي الحنفي (1098هـ) ما نصه: “المكان هو الفراغ الذي يشغله الجسم” اهـ.
________________________________________
4 ـ وقال الشيخ يوسف بن سعيد الصفتي المالكي (1193هـ) ما نصه: “قال أهل السُّنة: المكان هو الفراغ الذي يحُلُّ فيه الجسم” اهـ.
________________________________________
5 ـ وقال الحافظ المحدّث الفقيه اللغوي الحنفي السيد مرتضى الزبيدي (1205هـ) ما نصه: “المكان: الموضع الحاوي للشىء” اهـ
________________________________________
6 ـ وقال الشيخ سلامة القضاعي العزامي الشافعي (1376هـ) ما نصه: “المكان هو الموضع الذي يكون فيه الجوهر على قدره، والجهة هي ذلك المكان” اهـ.
________________________________________
7 ـ وقال الشيخ المحدث اللغوي الفقيه العلامة الشيخ عبد الله بن محمد الهرري رحمه الله ما نصه: “المكان هو ما يأخذه الحجم من الفراغ” اهـ.
فهذا النقل عن اللغويين وأهل العلم لبيان معنى المكان دليلٌ على أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم كانوا يعتقدون أن الله تعالى موجودٌ بلا مكان، وأن الله لا يسكن العرش ولا يسكن السماء، لأن القرءان نزل بلغة العرب كما قال الله عزّ وجلّ في القرءان الكريم: {بلسان عربيّ مبين} [سورة الشعراء/195] والنبي أعلم الناس بلغة العرب، فبطل بذلك تمسك المشبهة المجسمة بظواهر بعض الآيات والأحاديث المتشابهة التي ظاهرها يوهم أن لله مكانًا، فمثل هذه النصوص لا تُحمل على الظاهر باتفاق علماء السلف والخلف لاعتقادهم بأن الله تبارك وتعالى يستحيل عليه المكان كما هو ثابت بالقرءان والحديث والإجماع وكلام اللغويين وغيرهم.
وبعد هذا البيان يتبيَّن لك أن الله تعالى ليس في مكان من الأماكن العلوية والسفلية وإلا لكان المكان حاويًا لله تعالى، ومن كان المكانُ حاويًا له كان ذا مقدار وحجم، وهذا من صفات الأجسام والمخلوقين، واتصاف الله تعالى بصفة من صفات البشر محال على الله، وما أدى إلى المحال فهو محال، فثبت صحة معتقد أهل السُّنة الذين ينـزّهون اللهَ عن المكان والجهة.