بسم الله الرحمن الرحيم الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ والصَّلاةُ والسَّلامُ على سَيِّدِ المرسَلِينَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَبِيِّينَ
وإِمَامِ المتَّقينَ وقائدِ الغُرِ المحجَّلينَ يومَ القيامةِ.
درس في معنى :
لا إكراه في الدين
قال القرطبي في تفسيره: قول الله تعالى:
لا إكْراهَ في الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَها واللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. البقرة. الآية- 256.
قال القرطبي في تفسيره: قول الله تعالى:
لا إكْراهَ في الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَها واللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. البقرة. الآية- 256.
اختلف العلماء في معنى هذه الآية على ستة أقوال:
الأول: قيل إنها منسوخة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلا بالإسلام؛ قاله سليمان بن موسى، قال: نسختها: يا أيُّها النَّبِيّ جاهِدِ الكُفَّارَ والمُنافِقينَ. التوبة- 73. وروي هذا عن ابن مسعود وكثير من المفسرين.
الأول: قيل إنها منسوخة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلا بالإسلام؛ قاله سليمان بن موسى، قال: نسختها: يا أيُّها النَّبِيّ جاهِدِ الكُفَّارَ والمُنافِقينَ. التوبة- 73. وروي هذا عن ابن مسعود وكثير من المفسرين.
الثاني: ليست بمنسوخة وإنما نزلت في أهل الكتاب خاصة، وأنهم لا يكرهون على الإسلام إذا أدوا الجزية، والذين يُكرهون أهل الأوثان فلا يقبل منهم إلا الإسلام فهم الذين نزل فيهم:
يا أيها النبي جَاهِد الكُفَّار والمُنَافِقينَ.
هذا قول الشعبي وقتادة والحسن والضحاك.
يا أيها النبي جَاهِد الكُفَّار والمُنَافِقينَ.
هذا قول الشعبي وقتادة والحسن والضحاك.
والحجة لهذا القول ما رواه زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لعجوز نصرانية: اسلمي أيتها العجوز تسلمي، إن الله بعث محمدا بالحق. قالت: أنا عجوز كبيرة والموت إلي قريب فقال عمر: اللهم اشهد، وتلا: لا إكراه في الدين.
الثالث: ما رواه أبو داود عن ابن عباس قال: نزلت هذه في الأنصار، كانت تكون المرأة مقلاتا (أي لا يعيش لها ولد) فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده؛ فلما أجليت بنو النضير كان فيهم كثير من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا فأنزل الله تعالى: لا إكراهَ في الدِّين قد تَبَيَّنَ الرُشْدُ مِنَ الغَيِّ. قال أبو داود: والمقلات التي لا يعيش لها ولد. في رواية: إنما فعلنا ما فعلنا ونحن نرى أن دينهم أفضل مما نحن عليه، وأما إذا جاء الله بالإسلام فنكرههم عليه فنزلت: لا إكْراهَ في الدِّين. من شاء التحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام. وهذا قول سعيد بن جبير والشعبي ومجاهد إلا أنه قال: كان سبب كونهم في بني النضير الاسترضاع. قال النحاس: قول ابن عباس في هذه الآية أولى الأقوال لصحة إسناده، وأن مثله لا يؤخذ بالرأي.
الرابع: قال السدي: نزلت الآية في رجل من الأنصار يقال له أبو حصين كان له ابنان، فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت، فلما أرادوا الخروج أتاهم ابنا الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا ومضيا معهم
إلى الشام، فأتى أبوهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتكيا أمرهما، ورغب في أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يردهما فنزلت: لا إكْراهَ في الدِّين. ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب، وقال: أبعدهما الله هما أول من كفر.
إلى الشام، فأتى أبوهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتكيا أمرهما، ورغب في أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يردهما فنزلت: لا إكْراهَ في الدِّين. ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب، وقال: أبعدهما الله هما أول من كفر.
فوجد أبو الحصين في نفسه على النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين لم يبعث في طلبهما فأنزل الله جل ثناؤه: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنونَ حتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ. النساء- 65، الآية ثم إنه نسخ: لا إكراه في الدِّين. فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة. والصحيح في سبب قوله تعالى: فَلا وَرَبِّك لا يُؤْمِنُونَ، حديث الزبير مع جاره الأنصاري في السقي، على ما يأتي في سورة النساء بيانه إن شاء الله تعالى.
وقيل معناها: لا تقولوا لمن أسلم تحت السيف مجبرا مكرها؛ وهو القول الخامس.
وقول السادس: وهو أنها وردت في السبي متى كانوا من أهل الكتاب لم يجبروا إذا كانوا كبارا، وإن كانوا مجوسا صغارا أو كبارا أو وثنيين فإنهم يجبرون على الإسلام؛ لأن من سباهم لا ينتفع بهم مع كونهم وثنيين؛ ألا ترى أنه لا تؤكل ذبائحهم ولا توطأ نساؤهم، ويدينون بأكل الميتة والنجاسات وغيرهما، ويستقذرهم المالك لهم ويتعذر عليه الانتفاع بهم من جهة الملك فجاز له الإجبار. ونحو هذا روى ابن القاسم عن مالك.
وأما أشهب فإنه قال: هم على دين من سباهم، فإذا امتنعوا أجبروا على الإسلام، والصغار لا دين لهم فلذلك فأجبروا على الدخول في دين الإسلام لئلا يذهبوا إلى دين باطل.
فأما سائر أنواع الكفر متى بذلوا الجزية لم نكرههم على الإسلام سواء كانوا عربا أم عجما
قريشا أو غيرهم.
وأما أشهب فإنه قال: هم على دين من سباهم، فإذا امتنعوا أجبروا على الإسلام، والصغار لا دين لهم فلذلك فأجبروا على الدخول في دين الإسلام لئلا يذهبوا إلى دين باطل.
فأما سائر أنواع الكفر متى بذلوا الجزية لم نكرههم على الإسلام سواء كانوا عربا أم عجما
قريشا أو غيرهم.