قِصَّةٌ بين الإمامِ أحمدَ وحاتِمِ الأصمِّ.
زارَ حاتمُ بنُ عُنوانَ الأصمُّ (وكانَ منْ أئمةِ السَّلفِ في الزهدِ والحكمةِ) الإمامَ أحمدَ بنَ حنبلٍ في بغدادَ، وهو في طريقِهِ للحجِّ. فسألَه الإمامُ أحمد: أخبرني يا حاتم ، فيم التخلُّصُ منَ النَّاسِ؟ (يقصِدُ افضلَ الطُرُقِ في التعامُلِ مَعَهُم، دونَ أنْ يَلْحَقَهُ أذًى أو عتب) قال: يا أحمدُ في ثلاثِ خِصالٍ. قال: وما هي؟ قال حاتمُ: أن تُعْطِيَهُم مالَكَ، ولا تأخُذَ من مالهِم شيئًا, وتقضِيَ حقوقَهُم ولا تستقضِيَ أحدًا مِنْهُمْ حَقًا لكَ, وتحتملَ مكروهَهُم ولا تُكْرِهَ أحدًا على شىءٍ. فأطرَقَ الإمامُ أحمدُ يَنْكُتُ بإِصْبَعِهِ على الأرضِ، ثم رفَعَ رأسَهُ، ثم قال: يا حاتم إنها لشديدةٌ, إنها لشديدةٌ, إنها لشديدةٌ.
فقال له حاتمُ: وليتَكَ تَسْلَم، وليتك تَسْلَم ، وليتك تَسْلَم.
كما جاءَ في ترجمةِ حاتمِ بنِ عُنوانَ الأصمِّ في كتابِ تاريخُ بغدادَ للخطيبِ البغداديِّ (8/242).
لذا، إذا كانَ رضا الناسِ غايةً لا تُدْرَكُ، فَرِضَى اللهِ غايةٌ لا تُتْرَكُ.
وعَنْ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ، سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عليه الناس) رواهُ ابنُ حبانَ في “الإحسان في تقريبِ صحيحِ ابنِ حبان” (1 /510)، والترمذيُّ (2414) بلفظِ: (مَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَّلَهُ اللهُ إِلَى النَّاس).
نسألُكَ اللهمَّ السلامَةَ في الدُنيا والآخرة.