التنوين

من علامات بعض الأسماء ، أن تقبل التنوين على آخرها ، رفعا ، أو نصبا ، أو جرا .

وهو وجود الضمة، أو فتحة، أو كسرة ثانية، إلى جانب الضمة، أو الفتحة، أو الكسرة المجود أصلاً على آخر الاسم كعلامة إعراب، وهذه الضمة، أو الفتحة، أو الكسرة الثانية هي عوض عن نون التنوين المحذوفة خطاً. إذ الأصل في الاسم المنون أن يكتب بنون دلالة على تنوينه.

فنقول في ” جاء محمدٌ ” . بالتنوين ، ” جاء محمدن ” بالنون ، وهكذا بقية علامات الإعراب الأصلية . غير أن النحاة عدلوا عن إثبات نون التنوين حتى لا تختلط مع الأنواع الأخرى للنون سواء أكانت أصلية في الكلمة، أم زائدة، وجعلوا بدلا منها حركة إعراب أخرى إلى جانب الحركة الأصلية، وهي الضمة، أو الفتحة، أو الكسرة. بهذا ندرك أن التنوين عبارة عن نون ساكنة زائدة تكون في آخر الاسم لفظاً لا خطاً، بدليل حذفها عند الإضافة كنوني المثنى، وجمع المذكر السالم، إلا أن الأخيرتين تلحقان الاسم المثنى، والمجموع جمعاً سالماً لفظاً وخطاً

أنواع التنوين:

التنوين على أربعة أنواع هي:
1 ـ تنوين التمكن ، أو الأمكنية .
2 ـ تنوين التنكير .
3 ـ تنوين التعويض .
4 ـ تنوين المقابلة . 
أولا ـ تنوين الأمكنية: هو التنوين الذي يلحق الاسم للدلالة على شدة تمكنه في باب الاسمية ، أي أنه علامة يستدل بها على الاسم المتمكن أمكن ، وهو الاسم المنصرف المعرب. نحو: رجل، ومحمد، وعليّ، وسالم، وخليل، ويوم.
وهو الاسم المميز عن الاسم المتمكن غير أمكن، والمعروف بالاسم الممنوع من الصرف. نحو: أحمد ، وعثمان ، وعمر ، ومعديكرب ، وعائشة ، وبشار ، وصحراء ، وأجمل ، ومثنى ، وثلاث ، وأخر، ومساجد ، وسجاجيد … إلخ .
أو عن الاسم غير المتمكن، وهو المبني من الأسماء، كالضمائر، وأسماء الإشارة، والموصول، والشرط ، والاستفهام، وبعض الظروف، والأعداد المركبة، وغيرها ، والأسماء المختومة بـ ” ويه ” ، مثل: سيبويه ، وخمارويه ، ونفطويه . فهي أسماء مبنية على الكسر ، إلا إذا استعملتها لأشخاص غير معيّنين ، ولا يتميزون من غيرهم المشاركين لهم في الاسم جاز لك تنوينها.

ثانيا ـ تنوين التنكير: هو التنوين اللاحق لبعض الأسماء المبنية للدلالة على تنكيرها، بينما حذفه يكون دليلا ًعلى أنها معرفة، وذلك كما بينا آنفا في مثل: سيبويه، وخالويه، ونفطويه.
فإذا أردنا بها معينا، كانت مبنية على الكسر، كأن نجعل اسم ” سيبويه ” خاصا بالنحوي المشهور، وكذلك ” خالويه ونفطويه ” وهما اسمان لنحويين معروفين. أما إذا جعلنا الأسماء السابقة لأشخاص غير معينين، أو مميزين بأشخاصهم، نوّنّا آخر الاسم. فنقول : سيبويهٍ، وخالويهٍ، ونفطويهٍ.

ثالثا ـ تنوين التعويض :ويقال له أيضا تنوين العوض، وهو التنوين المعوض عن حرف محذوف من الكلمة، أو عن كلمة محذوفة، أو جملة محذوفة.
مثال تنوين العوض عن حرف محذوف قولك: جوارٍ، وسواقٍ، وبواكٍ، وقاضٍ .
فالتنوين في الكلمات السابقة عوض من الحرف المحذوف من أفعال تلك الكلمات ، عندما جمعت جمع تكسير، علما بأن تلك الحروف المحذوفة أصلية في أفعالها، بدليل عدم حذفها في المشتقات المختلفة كاسم الفاعل ، والمفعول ، وغيرها من المشتقات .
فـ “جوا ” فعلها: جرى، واسم الفاعل: جارٍ، وجارية ٌ.
و “سواق” فعلها: سقى، واسم الفاعل: ساق ٍ، وساقيةٌ.

وكذلك الحال في الأسماء المنقوصة غير الممنوعة من الصرف فالتنوين فيها عوض عن حرف الياء المحذوفة من آخر اسم الفاعل نحو: قاض ٍ والياء في أفعالها أصلية أيضا بدليل ثبوتها في مؤنثاتها نحو: قاضية.
وعليه فالتنوين في أواخر الكلمات السابقة هو تعويض عن حرف الياء المحذوف من الأفعال الثلاثية لتلك الجموع، وإذا أعربنا مثل تلك الكلمات، نقول في حالة الرفع: مرفوعة بالضمة على الياء المحذوفة.
وفي حالة الجر، يجر بفتحة نيابة عن الكسرة على الياء المحذوفة إذا كان ممنوعا من الصرف. نحو: تسقى الحدائق من سواقٍ كبيرة.
ويجر بالكسرة على الياء المحذوفة إذا كان مصروفا. نحو: سلمت على قاضٍ فاضل.
والتنوين في كلا الحالتين تعويض عن الياء المحذوفة.
أما تنوين العوض عن كلمة محذوفة، فيكون بحذف المضاف إليه بعد كلمة ” كل “، و ” بعض “. نحو : فاز الطلاب فصافحت كلاً منهم مهنئاً. والتقدير : صافحت كل طالب .
ومثال “بعض”: مررت ببعض قائما.
والتقدير : مررت ببعضهم.
أما تنوين العوض عن الجملة المحذوفة، فهو ما جاء للتعويض عن الجملة المحذوفة بعد ” إذ ” المضافة، وتكون إضافتها بعد الكلمات الآتية: بعد، وحين، ويوم، وساعة، وقبل، وعند. نحو: خرج الطلاب وكنا قبل إذ خرجوا مجتمعين.
فإذا حذفنا الجملة بعد ” إذ ” نونت ” إذ ” تنوين عوض بدلا من الجملة المحذوفة، فتصبح بعد الحذف كالتالي : خرج الطلاب وكنا قبلئذٍ مجتمعين.
ولكون ذال ” إذ ” ساكنة، والتنوين أيضا ساكن، حركنا ” الذال ” بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين.

رابعا ـ تنوين المقابلة: هو التنوين اللاحق لجمع المؤنث السالم، ليكون في مقابلة النون في جمع المذكر السالم.
وقد عرفه الرضي بقوله: ” إنه قائم مقام التنوين الذي في الواحد في المعنى الجامع لأقسام التنوين فقط، وهو كونه علامة لتمام الاسم كما أن النون قائمة مقام التنوين الذي في الواحد في ذلك “.في حاشية الصبان على شرح الأشموني.

نحو : هؤلاء طالباتٌ مجتهداتٌ .
ورأيت طائراتٍ محلقاتٍ.
ومررت بحافلاتٍ للحجاج.
فكلمة: طالبات ، ومجتهدات ، وطائرات، ومحلقات، وحافلات . كلمات جمعت جمع مؤنث سالماً، ومفرداتها: طالبة ، ومجتهدة، وطائرة، ومحلقة ، وحافلة .
وهذه الأسماء المفردة قد لحقها التنوين دلالة على تمام حروفها، واسميتها، فعندما جمعت جمع مؤنث
سالما زيد فيها التنوين.
ويرى بعض النحاة أن النون في جمع المذكر السالم، والتنوين في جمع المؤنث السالم لا سبب لوجودهما إلا نطق العرب، وكل تعليل سوى ذلك مرفوض، ويستدل صاحب الرأي على ذلك بقوله ” لو صح أن النون في جمع المذكر السالم بدل التنوين في مفرده ، لكان من الغريب وجودها في جمع المذكر السالم الذي لا تنوين في مفرده بسبب منعه من الصرف مثل : الأحمدون ، والعمرون،
والزيدون، والأفضلون ، وأشباهها فإن مفردها هو : أحمد ، وعمر ، ويزيد ، وأفضل ، لا يدخله التنوين لأنه ممنوع من الصرف .

أضف تعليق