أم المنذر سلمى بنت قيس الأنصارية

أم المنذر سلمى بنت قيس  الأنصارية

  المُصلّية للقِبلتين… المحافظة على البيعتين

تشرّف الأنصار بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مدينتهم.. المدينة المنورة،  وكان هؤلاء الأبرار الاخيار يتسابقون في استضافة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام من المهاجرين. وقد مدح نبينا العظيم هؤلاء الأنصار وبيوتهم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير”.

فقد أقبل الأنصار على الدخول في دين الله أفواجًا، وكان للنساء نصيب من هذا الإقبال المجيد، ومن هؤلاء النسوة امرأة من بني النجار هي سلمى بنت قيس الأنصارية النجارية أم المنذر ، كما ذكر الحافظ الطبراني في المعجم الكبير .

الخالة الكريمة

تروي كتب الأنساب بكثير من الفخر نسب القرشيين خصوصًا بني عبد مناف، فقد كان ابنه هاشم رجل تجارة كثير المال، نزل في إحدى رحلاته بالمدينة، فتزوج سلمى بنت عمرو بن زيد أحد أبناء عدي بن النجار من قبيلة الخزرج، وكانت سلمى هذه ذات حسب ونسب وشرف، فولدت له عبد المطلب فسمته شيبة. فتركه هاشم عند قومها معها.

 ولما توفي هاشم في غزو من أرض بلاد الشام، جاء عمه المطلب وأخذه إلى مكة، ثم صار أمر بني هاشم إلى عبد المطلب. وكان كثيرًا ما يحن إلى أخواله بني النجار، كما كان يذكرهم في أشعاره.
وأخرج الإمام أحمد عن أنس بن مالك، أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من بني النجار يعوده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خال قُل لا إله إلا الله.

فقال: خال أنا أو عمّ؟ فقال النبي: لا، بل خال. فقال النبي: قُل: لا إله إلا الله. فسأله الرجل هو خير لي؟ قال: نعم.

ولذلك كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول عن بني النجار الخزرجيين إنهم أخواله، لأن سلمى بنت عمرو أم جده عبد المطلب كانت منهم، وهذا من كرم أخلاقه وبرّه وصلة رحمه عليه الصلاة والسلام.

المصلية المبايعة

عندما ترجم أبو نُعيم الأصبهاني للصحابية الكريمة أم المنذر في “حلية الأولياء” وصفها بقوله: المصلية للقبلتين، المحافظة على البيعتين سلمى بنت قيس النجارية.

وروى البخاري رحمه الله عن عروة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية: يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك -إلى قوله-  غفور رحيم.

فمن أقرَّ بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قد بايعتُك” كلامًا، ولا والله ما مسّت يده يدَ امرأة في المبايعة قط ، ما يبايعهن إلا بقوله: “قد بايعتك على ذلك”.

وأم المنذر رضي الله عنها روت قصة بيعتها . ولكن قبل أن نذكرها فلنستعرض أركان بيعة النساء، فقد بايعت النساء رسول الله صلى الله عليه وسلم على: أن لا يشركن بالله شيئًا، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن ، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، ولا يعصينه في معروف. قال: “ولا تغششن أزواجكن”.

 وتروي أم المنذر قصة بيعتها فتقول: جئتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم نبايعه في نسوة من الأنصار فلما شرط علينا ألا نشرك بالله شيئًا، ولا نسرق، ولا نزني ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان ولا نعصيه ولا نغش أزواجنا… قالت: فبايعناه، ثم انصرفنا.

طعامها شفاء

هذه الصحابية الكريمة حظيت بنفحات خاصة من الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم، فكان يخصها بالزيارة، ويأكل عندها، ويشير إلى أنّ طعامها ذو بركة ونفع. وكانت أم المنذر رضي الله عنها تشتهر عند أهل المدينة بكثرة التمر والرطب في بيتها.

ولعل أم المنذر هي المرأة الأنصارية التي كانت تُطعم الصحابة يوم الجمعة سِلقًا وشعيرًا،  قال سهل: كنا ننصرف إليها من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرّب ذلك الطعام إلينا.. وفي رواية أخرى: ليس فيها شحم ولا ودك وكنا نفرح بيوم الجمعة.

ومن فضائل أم المنذر روايتها للحديث النبوي.

هذه قبسات من سيرة أم المنذر العطرة رضي الله عنها وأرضاها، فما أحوج النساء المؤمنات هذه الأيام أن يقتدين بها في جهادها في سبيل الله وكرمها وعدم حيائها من التفقه في أمر دينها كغيرها من نساء الأنصار.

وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أضف تعليق