وصف الرياح عند بعض الاندلسيين

مما وصف به بعض الأندلسيين الرياح حاملة معها السُحُب المبشرة بالمطر قوله:

“ثم أرسل الله الرياح من كنانتها ، وأخرجها من خزائنها، فجرَّت ذيولها، وأجرتخيولها، خافقة بنودها، متلاحقة جنودها، فأثارت الغمام، وقادته بغير زمام، وأنشأت بحريّة من السحاب، ذات أتراب وأصحاب، كثيراً عددها، غزيرا مددها، فبشرت بالقطر كل شائم (ناظر)، وأنذرت بالورد كل حائم، والريح تَنُثُّها (تفشي خبرها)، والبرق يحُثُّها، كأنه قضيب من ذهب، أو لسان من لهب، وللسحاب من ضوء البرق هادٍ، ومن صوت الرعد حادٍ، والريح توسع بلُحمتها سداها (مداها)، وتسرع في حياكتها يداها، فلمّا التحم فَتْقُها، والتأم رَتْقُها، وامتدّت أشطانها (حبالها)، واتّسعتأعطانها، وانفسحت أجنابها، وانسدلت أطنابها، وتهدّل خَمْلها، وتمخَّض حملها، ومدّت على آفاق السماء نطاقها، وزرّت على أعناق الجبال أطواقها، تمشي من الثقل هوناً، وتستدعي من الرياح عوناً، فلمّا أذن الله لها بالانحدار، وأنزل منه الودق بمقدار، أرسلت الريح خيوط الودق من روض السحائب، وأسبلتها إسبال الذوائب، ثم انخرق جيبها، وانبثق سيبها، وصار الخيط حبلاً، والطَّل وبلاً، فالسحاب يتعلق، والبرق يتألق، والرعد يرتجس، والقطر ينجبس، والنُقط تترامى طباقاً، وتتبارى اتّساقاً، فيردق السابق المصَلّي، ويتّصل التابع بالمولّي، كما يقع من المُنْخُل البُرّ،وينتثر من النظام الدرُّ”.

أضف تعليق