للعالمين و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين , و بعد :
تعالى عليه من رحمة و رسول الله صلى الله عليه و سلم من مظاهر رحمة الله تعالى فقد قال سبحانه و تعالى :
” و ما أرسلناك إلارحمة للعالمين ”
. و قال عليه الصلاة و السلام : ” إنما أنا رحمة مهداة “ . رواه البيهقي .روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن صيام يوم الاثنين فقال :
” ذاك يوم ولدت فيه . و أنزل علي “ .أخبره به الرسول عليه الصلاة و السلام ابتداءً و ذلك إشارة منه إلى أن ليوم ولادته شأناً عظيماً في الشرع بل و جعل ذكرى ولادته
مؤثرة في حكم صيام يوم الاثنين لأن الصحابي إنما سأله عن الصيام في يوم الاثنين فأخبره أنه ولد في ذلك اليوم معناه أن من أسباب
صيام يوم الاثنين هو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولد في ذلك اليوم و الصيام طاعة عظيمة فيها الشكر لله تعالى على هذه
النعمة و هي نعمة إظهار رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الوجود .
للحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى في سنة 911 هـ كتاب سماه الحاوى للفتاوى فيه رسالة سماها ( حسن المقصد في عمل
المولد ) , قال :
فقد وقع السؤال عن عمل المولد في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع ؟ و هل هو محمود أم مذموم ؟ و هليثاب فاعله أم لا ؟ و الجواب عندي : أن أصل عمل المولد هو اجتماع الناس , وقراءة ما تيسر من القرءان و رواية الأخبار الواردة
في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه و سلم و ما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه و ينصرفون من غير زيادة على ذلك
هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه و سلم و إظهار الفرح و الاستبشار بمولده
الشريف . و أول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي بن بكتكين أحد الملوك الأمجاد
و الكبراء و الأجواد , و كان له ءاثار حسنة , و هو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون
. انتهى كلامه .يحتفل به احتفالاً هائلاً , و كان شهماً شجاعاً بطلاً عاقلاً عالماً عادلاً رحمه الله تعالى و أكرم مثواه . قال : و قد صنف له الشيخ أبو
الخطاب ابن دحية مجلداً في المولد النبوي سماه ( التنوير في مولد البشير النذير ) فأجازه على ذلك بألف دينار , و قد طالت مدته في
الملك إلى أن مات و هو محاصر للفرنج بمدينة عكا سنة ثلاثين و ستمائة محمود السيرة و السريرة “
. انتهى كلامه .المغرب فدخل الشام والعراق , و اجتاز بإربل سنة أربع و ستمائة فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد
النبوي , فعمل له كتابا ( التنوير في مولد النذير ) , و قرأه عليه فأجازه بألف دينار
” . انتهى كلامه .اما ما كان موافقا للشرع فليس بضلالة . قال الإمام النووي رحمه الله في شرعه لهذا الحديث : ” هذا عام مخصوص و المراد به
غالب البدع ” .
بدعة ضلالة : و هي المحدثة المخالفة للقرءان و السنة .
بدعة هدى : و هي المحدثة الموافقة للقرءان و السنة: . انتهى ك .
يخالف كتاباً او سنة ً او أثراً أو إجماعاً , فهذه البدعة الضلالة , و الثانية : ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا , و هذه
محدثة غير مذمومة “
. انتهى كلامه .صلى الله عليه و سلم , وهي منقسمة إلى حسنة و قبيحة . قال الإمام الشيخ المجمع على إمامته و جلالته و تمكنه في انواع العلوم و
براعته ابو محمد عبد العزيز ابن عبد السلام رحمه الله و رضي عنه في ءاخر كتاب القواعد : البدعة منقسمة إلى واجبة و محرمة و
مندوبة و مكروهة و مباحة .
فمحرمة , او الندب فمندوبة , أو المكروه فمكروهة أو المباح فمباحة “
. انتهى كلام النووي .في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد “
. . و رواه مسلم بلفظ ءاخر و هو : ” من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد “. فافهم رسول اللهصلى الله عليه و سلم بقوله :
” ما ليس منه “ . أن المحدث إنما يكون مردودا إذا كان على خلاف الشريعة و أن المحدث الموافقللشريعة ليس مردوداً . انتهى كلامه .
أجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء ، و من سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها و وزر من عمل بها
من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شىء ” .
تخالف الشرع ، فمن ذلك زيادة عثمان بن عفان رضي الله عنه أذانا ثانيا يوم الجمعة و هذه بدعة أحدثها عثمان رضي الله عنه ففي
صحيح البخاري ما نصه : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه و سلم و أبي بكر و
عمر رضي الله عنهما ، فلما كان عثمان رضي الله عنه و كثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء . انتهى . و الزوراء مكان
بالمدينة .
عضوا عليها بالنواجذ “
الحديث.أشياء في الدين لا تخالف الدين كإحداث عثمان رضي الله عنه للأذان الثاني لصلاة الجمعة و من قبله جمع الصديق أبو بكر رضي الله
عنه للمصحف و جمع الفاروق عمر رضي الله عنه الناس على صلاة التراويح بعد ترك النبي صلى الله عليه و سلم لذلك و عدم جمع
أبي بكر لهم .
بالمولد النبوي الشريف .
سنة رسوله و سيرة الشيخين أبي بكر و عمر فبايعه عثمان على ذلك ثم حصل أن أحدث سيدنا عثمان الأذان الثاني يوم الجمعة و هو
شىء لم يفعله الشيخان أبو بكر و عمر و لكنه لايخالف سيرتهما فلا يكون سيدنا عثمان رضي الله عنه بذلك قد خالف العهد , و كذلك
الحال بالنسبة للمسلمين المحتفلين بذكرى المولد النبوي الشريف منذ مئات السنين إلى وقتنا هذا .
توافق الشرع . فقد أخرج البخاري في صحيحه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه و سلم
فلما رفع رأسه من الركعة قال :
( سمع الله لمن حمده ) قال رجل وراءه : ربنا و لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه , فلما انصرفقال :
( من المتكلم ؟) قال : أنا , قال : ( رأيت بضعة و ثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول ) .للمأثور )
. انتهى كلامه .أن يُقتل و قد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال عن خبيب : ” فكان أول من سن الركعتين عند القتل
هو ” .
هل إذا صادف احتلال العدو لبلاد المسلمين مثلا يوم عيد الفطرأو الأضحى فإن المسلمين إذا احتفلوا بيوم العيد يكون معنى احتفالهم فرحهم بالاحتلال !.