صفات الانبياء عليهم السلام والتحذير مما يفترى على بعض الانبياء
إنَّ الحَمدَ لله نحمدُهُ ونستعينهُ ونستهديهِ ونشكرُهُ ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنَا ومن سيئاتِ أعمالنا، مَن يهدِ الله فلا مُضِلَّ لهُ ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلـهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مثيلَ لهُ، ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرَّةَ أعينِنَا محمّدًا عبدهُ ورسولهُ وصفيُّه وحبيبُه صلى الله عليه وعلى كلّ رسولٍ أرسلَهُ.
أمَّا بعدُ عبادَ الله، فإني أوصيكُمْ ونفسي بتقوى الله العليّ العظيمِ القائلِ في محكَمِ كتابِهِ ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ *وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ *﴾ [سورة الأنعام] .
الصّلاةُ والسلامُ على أنبياءِ الله منْ سيدنا ءادمَ إلى سيدنا محمَّدٍ الذينَ جعَلََهُمُ الله تعالى أفضلَ الخلقِِ بِدَليلِ قوْلِهِ تَعالى ﴿وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ﴾.
وشَرَفٌ عَظيمٌ لنا اليومَ أنْ نُعَطّرَ لِسانَنا بِذِكْرِ خِصالِ وصِفاتِ أنبياءِ الله. النُّبُوَّةُ اشتِقاقُها مِنَ النَّبَإ أيِ الخَبَرِ لأنَّ النبوَّةَ إخْبارٌ عَنِ الله، أوِ اشتِقاقُها مِنَ النَّبْوَةِ أي الارْتِفاعِ، فالأنبياءُ درجاتُهُمْ مُرْتَفِعَةٌ عاليةٌ. ويَجِبُ اعتقادُ أنَّ كلَّ نبِيّ مِنْ أنبياءِ الله يجِبُ أنْ يكونَ متَّصِفًا بالصّدْقِ والأمانةِ والفطانةِ.
وشَرَفٌ عَظيمٌ لنا اليومَ أنْ نُعَطّرَ لِسانَنا بِذِكْرِ خِصالِ وصِفاتِ أنبياءِ الله. النُّبُوَّةُ اشتِقاقُها مِنَ النَّبَإ أيِ الخَبَرِ لأنَّ النبوَّةَ إخْبارٌ عَنِ الله، أوِ اشتِقاقُها مِنَ النَّبْوَةِ أي الارْتِفاعِ، فالأنبياءُ درجاتُهُمْ مُرْتَفِعَةٌ عاليةٌ. ويَجِبُ اعتقادُ أنَّ كلَّ نبِيّ مِنْ أنبياءِ الله يجِبُ أنْ يكونَ متَّصِفًا بالصّدْقِ والأمانةِ والفطانةِ.
فأنبياءُ الله أحبابُ الله يستحيلُ عليهمُ الكذبُ لأنَّ ذلكَ نَقْصٌ يُنافي مَنْصِبَ النُّبُوَّةِ. ويستحيلُ عليهِمُ الخِيانَةُ وَهِيَ ضِدُّ الأمانةِ، ويستحيلُ عليهِمُ التَلَبُّسُ بالرذالةِ أيًّا كانتْ كاختلاسِ النَّظَرِ إلى المرأةِ الأجنَبِيَّةِ بِشَهْوَةٍ. ويستَحيلُ عليْهِمُ السفاهةُ كالتلفظ بألفاظٍ شنيعة. ويستحيلُ عليهِمُ البلادةُ وهِيَ ضَعْفُ الفَهْمِ. والبليد لا يفهمُ الكَلامَ مِنَ المرَّةِ الأولى إلا بعْدَ أنْ يُكَرَّرَ عليهِ عِدَّةَ مراتٍ فَهَذا كُلُّهُ يَسْتحيلُ في حقّ الأنبياءِ، فَمَا مِنْ نَبِيّ خائِنٌ أو رَذيلٌ أو سفيهٌ أو بليدُ الذِّهْنِ. والله تعالى حَفِظَهُمْ مِنَ الكُفْرِ قَبْل النُّبُوَّةِ وبَعْدَها وحَفِظَهُمْ مِنَ الكبائِرِ كالزّنى وحَفِظَهُمْ من صغائرِ الخسَّةِ كَسَرِقَةِ حَبَّةِ عِنَبٍ. ولْيُعْلَمْ أنَّ كلَّ الأنبياءِ فُصَحاءُ فليسَ فيهم أرَتُّ وهوَ الذي يكونُ في لسانِهِ عُقْدَةٌ وحَبْسَةٌ ويَعْجَلُ في كَلامِهِ فلا يُطاوِعُهُ لِسانُهُ، وليس فيهم تَأْتاءٌ ولا ألْثَغُ. والألْثَغُ الذي يُصَيّرُ الرَّاء غينًا أو لامًا والسينَ ثاءً مثَلاً.
ويَسْتحيلُ على أنبياءِ الله سبْقُ اللسانِ في الشَّرعيَّاتِ والعاديَّاتِ لأنَّهُ لَوْ جازَ عليهِمْ لارتفعتِ الثّقَةُ في صِحَّةِ ما يقولونَهُ، ولَقالَ قائِلٌ لَمَّا يَبْلُغُهُ كلامٌ عَنِ النَّبِيّ «ما يُدرينا أنَّهُ يكونُ قالَهُ على وجْهِ سبْقِ اللّسانِ» فلا يحصُلُ مِنَ النَّبِيّ أنْ يَصْدُرَ مِنْهُ كلامٌ غيرُ الذي أرادَ قولَهُ. وسبْقُ اللّسانِ هوَ أنْ يَتَكَلَّمَ الإنسانُ بشىءٍ مِنْ غَيْرِ إرادةٍ بل يجري على لِسانِهِ ولم يَقْصِدْ أنْ يقولَهُ بالمرَّةِ.
ويستَحيلُ عليهِمْ أيضًا الجنونُ وتأثيرُ السّحْرِ في عقولِهِمْ، فلا يجوزُ أنْ يُعْتَقَدَ أنَّ الرسولَ قد أثَّرَ السّحرُ في عقْلِهِ. وأنبياءُ الله كلهُمْ كانوا ذوي حُسْنٍ وجمالٍ، ولا يجوز عليهِمُ المرضُ الذي يُنَفّرُ الناسَ منهُم. فقدْ قالََ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ما بعثَ الله نبيًّا إلا حَسَنَ الوجهِ حَسَنَ الصّوْتِ وإنَّ نَبِيَّكُمْ أحْسَنُهُمْ وَجْهًا وأحْسَنُهُمْ صَوْتًا» .
وبالنسبة لنبيّ الله أيوبَ فهو لم يُصب بمرض منفر إنما ابتلاهُ الله بلاءً شديدًا استمرَّ ثمانِيَةَ عَشَرَ عامًا وفَقَدَ مالَهُ وأَهْلَهُ ثمَّ عافاهُ الله وأغناهُ ورَزَقَهُ الكثيرَ مِنَ الأولادِ، بعضُ الناسِ الجهَّالِ يَفْتَرونَ عليهِ ويقولونََ إنَّ الدّودَ أكَلَ جِسمَهُ، على زعمِهِمْ كانَ الدّودُ يَتَساقَطُ ثمَّ يأخُذُ الدّودَةَ ويعيدُها إلى مكانِها مِنْ جِسْمِهِ ويقول: يا مخلوقَةَ ربّي كُلي مِن الرِزْق الذي رَزَقَكِ». فهذا ضَلالٌ وكفر والعياذُ بالله.
إن أنبياءَ الله كلُّهمْ أصحابُ خِلْقَةٍ سويَّةٍ، لم يكن فيهم ذو عاهَةٍ في خِلْقَتِهِ ولم يَكُنْ فيهم أعرَجُ ولا كسيحٌ ولا أعمى، وسيدنا يعقوبُ مِنْ شدَّةِ بكائِهِ على سيدنا يوسُفَ ابيَضَّتْ عيناهُ مِنْ شِدَّةِ حُزنِهِ على وَلَدِهِ يوسفَ، بَكَى بكاءً شديدًا حتّى ابيضَّتْ عيناهُ ثمّ ردَّ الله تعالى عليه بَصَرَهُ لَمَّا أرسَلَ يوسفُ بقميصِهِ مِنْ مِصْرَ إلى البَلدَةِ التي فيها فارْتَدَّ بَصيرًا.
وكذلِكَ لا يجوزُ القولُ إنَّ ءادَمَ عليهِ السّلامُ كانَ مُتَوَحّشًا شبيهًا بالقِرْدِ، فمَنْ قالَ ذلكَ فهوَ ليسَ بِمُسلِمٍ عندَ الله. قال تعالى في محكَمِ كتابِهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ *﴾ [سورة ءال عمران] ، ويقولُ تَعالى في كِتابِهِ العَزِيزِ: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [سورة البقرة] الآية.
قَديمًا كانَ البشرُ جميعُهُمْ على دينِ الإسلامِ، في زمَنِ نَبِيّ الله ءادمَ كانوا كلّهُمْ على الإِسلامِ لمْ يَكُنْ بَينهُمْ كافرٌ، وإنَّما حدَثَ الشّرْكُ والكفرُ بالله تعالى بعدَ النّبيّ إدريسَ عليهِ السّلامُ، وحَفِظَ الله تعالى أنبياءَهُ أحبابَهُ مِنَ الشّركِ وحَذَّرَ أُمَمَهُمْ مِنَ الشّركِ. يقولُ الله تعالى ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [سورة الزمر]. يعني الرُّسُل الذينَ جَاءوا بَعْدَ إِدْريسَ ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ﴾ أيْ لَئِنْ أَشْرَكَ واحِدٌ مِنْ أُمَّتِكَ. ﴿لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ أَيْ عَمَلُهُ ﴿وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ يعني الذي أشرَكَ يكونُ منَ الخاسِرينَ.
فهذا التحذيرُ لأمَمِ الأنبياءِ وليسَ للأنبِياءِ، فالأنبياءُ إخوةَ الإيمانِ هم صَفوَةُ الخَلْقِ، الله تعالى فضّلَهُمْ على العالمينَ وحَفِظَهُمْ منَ الكفرِ والكبائرِ وصغائرِ الخسّةِ قبلَ النبوّةِ وبعدَها. فاحذروا إخوةَ الإيمانِ مما يُفْتَرَى على أنبياءِ الله.
ومِنْ جُمْلَةِ الافتراءاتِ قول البعض إن سيّدَنا داودَ عليهِ السَّلامُ أرسَلَ قائدَ جيشِهِ إلى معركةٍ ليموتَ فيها ليتزوَّجَ داودُ امرأة هذا القائد، فهذا فاسدٌ مُفْتَرًى لا يليقُ بنبيّ منْ أنبياءِ الله. والله تعالى صانَ الأنبياءَ منَ المنَفّراتِ كأن تكون أسماؤهم منَ الأسماءِ القبيحةِ الشنيعةِ، الله تعالى عَصَمَ الأنبياءَ منْ أنْ تكونَ أسماؤهُمْ خبيثةً أوْ مشتقَّةً مِنْ خبيثٍ أوْ يُشْتَقُّ منها خبيثٌ. فلا يجوزُ أنْ يقالَ إنَّ فعلَ اللّواطِ مُشتَقٌّ مِنِ اسمِ نبيّ الله لوطٍ، فلَفْظُ اللواطِ كانَ قبلَ قومِ لوطٍ وإنما قومُ لوطٍ همْ أوّلُ منْ فَعَلَ تلكَ الفِعْلَةَ الشنيعة من بين البشر، أمّا اللفظُ كانَ موضوعًا بينَ المتكلمينَ باللغةِ العربيةِ قبلَ لوطٍ وهمْ قومُ عادٍ.
ولقدْ كانَ قومُ لوطٍ منْ قساوةِ قلوبهِمْ وفسادِ أخلاقهِمْ يتَجاهَرونَ بِفِعْلِ فاحشةِ اللواطِ ولا يستَتِرونَ ولا يستَحونَ، وبعثَ الله تعالى نبيَّهُ لوطًا إليهِم ودعاهُم إلى دينِ الإسلامِ وعبادةِ الله وحدَهُ ونَهاهُمْ عنْ تعاطي المحرماتِ والمنكراتِ وتلكَ الأفاعيلِ المسْتَقْبَحَةِ. ولكنّهمْ استمرّوا على كفرِهِمْ وإشراكهِمْ وتمادَوْا في ضلالهِمْ وطغيانهِمْ وفي المجاهرةِ بفعلِ اللواطِ. فسألَ لوطٌ عليهِ السَّلامُ ربَّهُ النُّصرةَ عليهِم. قالَ تعالى حكايةً عنْ نبيِّهِ لوطٍ ﴿قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾ [سورة العنكبوت].
فأرْسَلَ الله عزَّ وجلَّ إلى قومِ لوطٍ ملائكةً كرامًا لإهلاكِهِمْ وهمْ جبريلُ وميكائيلًُ وإسرافيلُ ليقلبوا قُراهُمْ عالِيَها سافِلَها ويُنْزِلوا العذابَ بهِم. وجاءوا إلى سيّدِنا لوطٍ عليهِ السَّلامُ بِصُوَرِ شبَّانٍ جميلي الصّورةِ( دون ءالة الذكورية ) اختبارًا مِنَ الله لقومِ لوطٍ وإقامَةً للحُجَّةِ عليهِم، ولم يُخْبِروا لوطًا في البِدايةِ بِحَقيقَتِهِم، فظَنَّ نبيُّ الله لوطٌ أنّهُمْ ضيوفٌ جاءوا يَسْتَضيفونَهُ ولكنَّه أشْفَقَ عليهِم وخافَ مِنْ قومِهِ أنْ يعْتَدوا عليهِم، وحصل أن خَرَجَتِ امرَأَتُهُ وكانتْ كافرةً خبيثةً تتبعُ هوى قومِها فأخْبَرَتْ قومَها وقالتْ لَهُمْ إنَّ في بيتِ لوطٍ رجالاً، ما رأيت مثْلَ وجوهِهِمْ قَطُّ. وما أنْ سَمِعَ قومُ لوطٍ الخبَرَ حتى أقبَلوا مسرعينَ إلى بيتِهِ عليهِ السَّلامُ يريدونَ الاعتداءَ على ضيوفِهِ وكانَ قدْ أغلقَ بابَهُ والملائكةُ معَهُ في الدارِ، وأخَذَ يناظِرُ ويحاوِرُ قَومَهُ منْ وراءِ البابِ وهم يعالِجونَ البابَ ليَفتَحوهُ، فلمّا رأى الملائكةُ ما يلقى نبيُّ الله لوطٌ عليهِ السلامُ من كَرْبٍ شديدٍ أخبروهُ بِحَقيقَتِهِم وأنَّهُم ليسوا بَشَرًا وإنَّما هُم ملائكةٌ ورُسُلٌ من الله، قدِموا وجاءوا لإهلاكِ هذهِ القريةِ بأمْرٍ مِنَ الله؛ لأنَّ أهلَها كانوا ظالمينَ بِكفرِهِم وفسادِهِم.
واستأذَنَ جبريلُ عليهِ السلامُ ربَّهُ في عقوبَتِهِم فَأَذِنَ لَهُ، فخَرَجَ عليهِ السلامُ إليهم وضَرَبَ وجوهَهُمْ بطَرَفِ جناحِهِ فطُمِسَتْ أَعيُنُهُم، فانصَرَفوا يتَحَسَّسونَ الحيطانَ ويَتَوعَّدونَ ويهدّدونَ نبيَّ الله لوطًا. عندَ ذلكَ سألَ نبيُّ الله لوطٌ الملائكةَ متى موعِدُ هلاكِهِم؟ قالوا: الصُّبْحُ. فقالَ: لو أهلَكْتُموهُمُ الآنَ، فقالوا لهُ: أليسَ الصُّبحُ بقريبٍ؟.
وأصاب قومَ لوطٍ منْ أمرِ الله ما لا يُرَدُّ منَ العذابِ الشديدِ، يقولُ الله عزَّ وجلَّ ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ﴾ [سورة هود] ، أَدخَلَ جبريلُ عليهِ السَّلامُ ريشَةً واحدةً من أجْنِحَتِهِ في قُراهُم ومُدُنِهِمْ وكانت أَربعَةً أو خمسةً واقْتَلَعَهُنَّ مِنْ أَصْلِهِنَّ بِمَنْ فيهِنَّ مِن قومِ لوطٍ الكافرينَ فَرَفَعَ الجميعَ حتّى بَلَغَ بِهنَّ عَنانَ السماءِ حتى سَمِعَ الملائكةُ الذينَ في السماءِ الأولى أصْواتَ ديَكَتِهِمْ ونُباحَ كِلابِهِمْ ثمَّ قَلَبَها عليهِمْ فَجَعَلَ عالِيَها سافِلَها، رَدَّها مَقلوبَةً بِمشيئَةِ الله وقدرَتِهِ. أمّا لوطٌ عليهِ السلامُ فقد خَرَجَ ليلاً قبلَ طلوعِ الشمسِ، وامرأَتُهُ الكافرةُ قد هَلَكَتْ مَعَ الهالكينَ.