بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا , والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
لأن المكان من صفات المخلوقين والذي يكون في مكان يكون جسماً ملئ شيئاً من الفراغ والله ليس جسماً صغيراً ولا كبيراً ولا أصغر من العرش ولا أكبر منه حجماً لأنه لو كان جسماً لكان له أمثال لا تحصى ولجاز عليه ما يجوز على الأجسام قال الله تعالى في ذم الكفار { وجعلوا له من عباده جزءا }
– قال الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه النوادر{ من اعتقد أن الله جسمٌ فهو غير عارف بربه وإنه كافر به}.
– وقال الإمام الرواس عن الله تعالى { ليس كمثله شيء ، ولا هو مثل شيءٍ ، ولا يحده المقدار ولا تحويه الأقطار ولا تحيط به الجهات ، ولا تكتنفه السماوات }
– وقال ابو الحسن القاوقجي الطرابلسي الحنفي عن الله تعالى { ليس متحيزاً في الأرض ولا في السماء لايمكن تصوره في القلب ولا شبيه له في الموجودات}
– وقال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه { مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك}.
– وقال سيدنا علي رضي الله عنه { كان الله ولا مكان وهو الأن على ما عليه كان } رواه أبو منصور البغدادي في الفرق بين الفرق.
– وقال الأمام عبد القاهر أبن طاهر التميمي البغدادي في الفرق بين الفرق [ وأجمعوا (أي أهل السنة ) على أنه لا يحويه مكان ولايجري عليه زمان ] .
– وقال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه [من زعم أن الله في شيء أو على شيء أو من شيء فقد أشرك إذ لوكان في شيء لكان محصوراً،ولو كان على شيء لكان محمولاً ،ولو كان من شيء لكان محدثاً أي مخلوقاً ] رواه القشيري في الرسالة.
– قال الإمام أبو جعفر الطحاوي وهو من علماء السلف [ تعالى[يعني الله] عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات].
فالجسم من صفات المخلوقين والله لا يشبه المخلوقات بأي وجه من الوجوه لأن العالم كله أجسام إم جسم لطيف أو كثيف
والجسم اللطيف ما لا يضبط بالأصابع كالهواء والروح والملائكة والجن .
وأما قول مالك فلم يقل والكيف عنه مجهول بل قال [ والكيف عنه غير معقول ] رواه البيهقي.وقال بعض السلف [ أمروها كما جائت ] أي مع تنزيه الله عن صفات المخلوقين أي من غير اعتقاد أن الله جالس أو متحيز في جهة أو مكان .وهذا هو الغالب على أهل السلف أي أن الأغلب لم يوؤل تأويلاً تفصيلياً وبعضهم أول تأويلاً تفصيلياً كما ثبت عن أبن عباس أنه أول قوله تعالى {يوم يكشف عن ساق} أي عن كرب وشدة , وتلميذه مجاهد أول قوله تعالى{فأين ما تولوا فثم وجه الله } قال أي قبلة الله في صلاة النفل في السفر على الدابة , والبخاري كذلك أول في صحيحه تفسير سورة القصص قوله تعالى{ كل شيء هالك إلاَّ وجهه} إلاَّ ملكه , وقبله الإمام سفيان الثوري مثل هذا التفسير ,وأحمد ابن حنبل أول الآية { وجاء ربك } أي جاءت قدرته رواه البيهقي في مناقب أحمد فهؤلاء كلهم من أهل السلف .
وهذا موافق للعقل والشرع لأن الله قال عن نفسه { وهو القاهر }
فلا يجوز حمل الآيات المتشابهات على الظاهر بل ترد إلى الآية المحكمة { ليس كمثله شيء} حتى لايكون هنالك تناقض والقرآن ليس فيه آية تناقض آية أخرى .
فماذا يقال في قوله تعالى {وهو معكم أينما كنتم } وقوله{ألا إنه بكل شيء محيط}
فقوله وهو معكم إي بالعلم , وبكل شيء محيط إحاطة علم ,وقوله عن إبراهيم إني ذاهب إلى ربي إي إلى المكان الذي أمرني ربي إي إلى طاعة الله , وقوله نحن أقرب إليه من حبل الوريد أي يعلم بنا أكثر من أنفسنا فعلى هذه المعاني وافقت الآيات المتشابهات المذكورة آنفاً آية ليس كمثله شيء فإذاً الله لايجوز عليه صفة الجلوس ولا المكان ولا الجهات ولا أي صفة من صفات خلقه ,ألله خص بعض المخلوقات في جهة فوق وبعضهم في جهة تحت فلو كان الله في جهةٍ أو مكان لأحتاج إلى من خصه بهذه الجهة دون الأخرى وبمكان دون الأخر والمحتاج إلى غيره يكون عاجزاً والعاجز لا يكون إلهاً .
وأما قوله تعالى { سبح اسم ربك الأعلى } ألأعلى صفة الرب أي أعلى من كل شيء قدراً وشأناً وعظمةً .
فلا يقال الله موجود في كل مكان أو موجود في كل الوجود بل يقال [ الله موجود بلا كيف ولا جهة ولا مكان ] فإن قيل هذا إنكار لوجود الله يقال لهم : أليس هو خلق المكان والزمان فمن الضرورة سيقولون بلى يقال :أليس كان قبل المكان والزمان كذلك سيقولون بلى فيقال : هل نقول الله كان موجوداً بلا مكان أم المكان ليس مخلوقاً فإن قالوا المكان ليس مخلوقاً فهو عين الكفر والشرك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :” كان الله ولم يكن شيء غيره ” رواه البخاري وغيره ,وإن قالوا كان قبل المكان بلا مكان فنقول لهم كما صح وجوده قبل خلق المكان بلا مكان يصح وجوده بعد خلق المكان بلا مكان .
قال الإمام البيهقي في كتابه ألأسماء والصفات :استدل بعض أصحابنا في نفي المكان عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم [ وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء ] فمن لاشيء فوقه ولا شيء دونه لم يكن في مكان .