الجبل المعروف بجبل أبي قبيس، لأن فيه قبرَ ءادم عليه السلام على ما يُقال، لأنَّ صاحب المورد العذب البهي قال: قال وهب (يعني وهبَ بن منبّه): “حُفر له (يعني ءادم) في موضعٍ في أبي قبيس في غار يقال له غارُ الكَنز، فاستخرجه نوحٌ وجعلَه في تابوت معه في السفينة، فلما نضبَ الماء رده نوحٌ إلى مكانه. وهذا الغارُ لا يُعرف الآن، وقد اختُلف في موضعِ قبر ءادم على أربعة أقوال:
الأول: أنه كان بأبي قبيس كما قال وهب.
والثاني: أنه بمسجد الخيف كما قال عروةُ بن الزبير فيما روى عنه الفاكهي.
والقول الثالث: عند مسجد الخيف. قال ذلك الذهبي.
والقول الرابع: أنه ببلاد الهند في الموضع الذي أهبط إليه من الجنة.
ومن فضائل جبل أبي قُبيس أنه كان يُدعى الأمين لأن الحجرَ الأسود استودع فيه زمنَ الطوفان، فلما بنى الخليلُ عليه السلام البيت نادى أبو قبيس، الركنُ مني بمكانِ كذا وكذا. وجاء بهِ جبريل عليه السلام فوضعَه موضعَه من الكعبة. ومن فضائلِه أنَّ الدعاء فيه يستجاب.
ومنها جبل الخنْدَمة: روى الفاكهي عن ابنِ عباس قولَه: ما مطرت مكةُ قط إلا كان الخندمةُ أمْطَرَها، وذلك أن فيها قبرَ سبعين نبيًّا.
ومنها جبل حراء: وهو بأعلى مكة، وفيه نزلُ الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار فيه.
ومنها جبل ثورٍ بأسفل مكة لاختفاءِ النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه فيهِ حين هاجرا إلى المدينةِ وذلك في غارٍ مشهور فيه، وهو الغار الذي ذكرهُ الله تعالى في كتابه العزيز حيث قالَ سبحانه {ثاني اثنين إذ هما في الغار} وهذا الغارُ مشهورٌ في هذا الجبل يأثره الخلف عن السلف ويقصدونَه للزيارة، وقد ذكر ابن جُبير في رحلته أن طولَ الغار ثمانية عشر شبرًا، وطولَ فمه الضيق خمسةُ أشبار وسَعَته وارتفاعه عن الأرض مقدارُ شبر في الوسطِ منه. وذكر ابن جبير أن أكثرَ الناس يتجنبون دخولَه من بابِه الضيق لِمَا فيه من المشقَّة التي يقاسيها الداخل.
ومن الجبال المباركة بمكةَ جبل “ثُبير” قال القزوينيُّ في كتابه “عجائب المخلوقات وغرائبُ الموجودات”: جبل ثُبيرٍ بمكة بقرب منى، وهو جبلٌ مبارك يقصدُه الزوار. ومنها الجبل الذي يُلحَق بمسجد الخيف لأن فيهِ غارًا يقال له “المرسلات”، لأن فيه أثرُ رأس النبي عليه الصلاة والسلام على ما ذكر ابن جُبير .