نبي الله ءادم

نبي الله ءادم عليه الصلاة والسلام

قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى ءادَمَ وَنُوحًا وَءالَ إِبْرَاهِيمَ وَءالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [سورة ءال عمران/33].
سيدنا ءادم عليه السلام هو أبو البشر وأولُّ إنسان خلقه الله تعالى، فهو أول النوع البشري الذي فضله الله على سائر أنواع المخلوقات، فهو أفضل من النوع الملَكي وأفضل من النوع الجني.
وكان خلقه عليه السلام في الجنة ءاخر ساعة من يوم الجمعة من الأيام الست التي خلق الله فيها السموات والأرض كما جاء في حديث مسلم، وروى مسلم وغيره أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق ءادم”.

 

كيف خُلق ءادم عليه الصلاة والسلام

شاء الله سبحانه وتعالى بمشيئته الأزلية التي لا تتبدل ولا تتغير وجود ءادم عليه السلام فأبرزه بقدرته من العدم إلى الوجود. فقد أمر الله تعالى مَلَكًا من ملائكته الكرام أن يأخذ من جميع أنواع تراب الأرض التي نعيش عليها ليخلق منه ءادم عليه السلام، فأخذ هذا الملك من جميع أنواع تراب الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك، ومن سهلها وحَزْنها أي قاسيها وما بين ذلك، ومن طيبها ورديئها ومما هو بين ذلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله قبض قبضة من الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك، ومن طيبها ورديئها وما بين ذلك فجاء ذرية ءادم على قدر ذلك” رواه ابن حبان وغيره، وعند أحمد “فجاء بنو ءادم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك”.
أي جاءت أحوال وألوان ذرية ءادم عليه السلام مختلفة بسبب هذا التراب المختلف الذي خُلق منه ءادم عليه الصلاة والسلام.
فائدة: قيل سمي ءادم بهذا الاسم لأنه من أديم الأرض أي من وجه الأرض.

 

معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم “إن الله خلق ءادم على صُورته”

يجوز أن يكون معنى هذا الحديث: “ان الله خلق ءادم على صورته” أي على صورة ءادم الأصلية التي خلقه عليها طوله ستون ذراعًا وعرضه سبعة أذرع فيكون الضمير في “صورته” عائدًا إلى ءادم عليه السلام، ويجوز أن يكون الضمير في “صورته” عائدًا إلى الله فيكون التقدير على الصورة التي خَلَقَها الله وجَعلها مشرفة مكرمة، وتسمى هذه الإضافة إضافة المِلك والتشريف لا إضافة الجزئية كإضافة الكعبة إلى نفسه كقول الله تعالى لإبراهيم وإسماعيل: ﴿أن طهِّرا بَيْتيَ﴾ [سورة البقرة/125] لأن الله سبحانه لا يوصف بالجسمية والجزئية فليس هو أصلاً لشىء ولا هو فرعًا عن شىء ولا يتحيز في جهة ومكان لأن التحيز للجسم اللطيف والكثيف.

 

الخِلقة التي خُلق عليها سيدنا ءادم عليه السلام

خلق الله سيدنا ءادم عليه السلام جميل الشكل والصورة وحسن الصوت لأن جميع أنبياء الله الذين بعثهم الله لهداية الناس كانوا على صورة جميلة وشكل حسن وكذلك كانوا جميلي الصوت، قال صلى الله عليه وسلم: “ما بعثَ الله نبيًّا إلا حسن الوجهِ حسن الصوتِ وإن نبيَّكم أحسنهم وجهًا وأحسنهم صوتًا”.
ولقد كان طول سيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام ستين ذراعًا، وكان وافر الشعر شبهه رسول الله في الطول بالنخلة السَّحُوق، فلما خلقه الله قال: اذهب فسلم على أولئك ـ نفر من الملائكة جلوس ـ فاستمع ما يُحَيُّونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله. وكل من يدخل الجنة يكون على صورة ءادم في الطول فقد ورد في مسند الإمام أحمد بإسناد حسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة يدخلون الجنة على خلق ءادم ستين ذراعًا في عرض سبعة أذرع.
فائدة: روى الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّ الله عز وجل لما صوّر ءادم تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يُطيف به فلما رءاه أجوف عرف أنه خلقٌ لا يتمالك”، وعند أبي يعلى: “فكان ابليس يمر به فيقول: لقد خلقت لأمر عظيم”.
ففي هذا الحديث الصحيح دليل على أن إبليس كان في الجنة لما خلق ءادم وذلك قبل أن يكفر لأنه كان مسلمًا يتعبد مع الملائكة ولم يكن منهم من حيث الجنس والأصل لأن الملائكة أصلهم النور وإبليس أصله من مارج من نار أي لهب النار، وفيه أن إبليس كان يدور حول هيكل ءادم وذلك قبل أن ينفخ فيه الروح فرءاه أجوف أي شيئا غير مصمت بل له جوف، فعرف أنه خلق لا يتمالك أي ليس كالملائكة ولا كالجمادات بل هو أضعف من ذلك.
ومن الكذب الظاهر ما شاع من نظرية ابتدعها بعض الكفار وهي أن أصل البشر قرد أو يشبه القرد وهذا فيه تكذيب لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسٰنَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [سورة التين/4] فسيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام هو أول إنسان خلقه الله تبارك وتعالى لم يكن أصله قردًا ثم ترقى حتى صار إنسانًا ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا﴾ [سورة الكهف/5]، فنظرية داروين التي تقول إن الإنسان أصله قرد ثم ترقى بسبب العوامل المجهولة حتى صار هذا الإنسان، هي نظرية باطلة لا تقوم على أساس علمي وتردها دلائل النقل وإن تلقفها المفتونون بكل جديد ولو كان سخيفًا باطلا.
وما جاء في القرءان من مسخ بعض اليهود قردة وخنازير فهو حالة نادرة جعلها الله تبارك وتعالى عذابًا لليهود الذين اعتدوا في السبت وعصوا الله تبارك وتعالى وموعظة وعبرة للمتقين، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خـٰسِئِينَ﴾ [سورة البقرة/65]. على أن أولئك الذين مسخهم الله تبارك وتعالى قردة لم يعيشوا طويلا بل عاشوا ثلاثة أيام ثم ماتوا ولم يتركوا نسلا من جنس ما مسخوا إليه.

أضف تعليق