اللهُ تَعالى امتَحنَ عبادَه بأمرَين، امتحنَهم بالأوامر وبالنّواهي. الأوامرُ فيها مشَقّاتٌ والنّواهي النّفُوس تَشتَهيها وتَتُوق إليها فمَن صبَر في هذه الحياةِ على أداءِ الأوامِر واجتِناب المحرَّمات جعَل اللهُ لهُ في دار الجزاء النّعِيم المقيم الذي لا انقطاعَ لهُ، حَياةٌ ليسَ بعدها موتٌ وصِحّةٌ لا مَرَض بعدَها وشبابٌ لا هرَم بعدَه ونَعيمٌ لا بؤس بَعدَه. لا يَلقَونَ بُؤسًا وفَقْرا ومرَضًا وهمّا وحَزنا دائما سائر الأوقات ممتلئة نفوسُهم بالفَرح، لا يجِدُ الحزن في نُفوسِهم مَكانًا، لأنّ اللهَ لم يَخلُقهُ فيهم، وجعَل الآخَرين الذين لا يَصبِرُونَ على أداء الواجِبات واجتنابِ النّواهي جزاءَهم العَذاب قِسمٌ منهم العذابَ الدّائم الذي لا انقِطاع له وقسمٌ منهم عذابًا ينقَطع إلى مُدّة، الفَريقُ الأوّل الكُفّار والفَريقُ الثّاني عُصَاة المسلمين الذينَ لم يَغفرِ اللهُ لهم ذنُوبَهم. الله تعالى يَرزقُنا الصّبر. الصّبرُ هو رأسُ الأمر, وهوَ بمنزلة الرّأس.