النحو وعلومه

التقسيم


من خصائص لغة العرب ما عرَّفَه أهل الأدب والشعر بالتقسيم، والتقسيم عند ابن رشيق هو: استقصاء الشاعر جميع أقسام ما بدأ به، وذلك كقول نافع بن خليفة في الوعظ: “يا بنيّ، اتّقوا الله بطاعته، واتّقوا السلطان بحقّه، واتّقوا الناس بالمعروف” فقال رجل: ما بقى شيء من أمر الدين والدنيا إلا وقد أمرتنا به، ومن جيد التقسيم ما قاله أعرابي في حلقة الحسن البصري رضي الله عنه: رحم الله من تصدّق من فضل، أو واسى من كفاف، أو ءاثر من قوت، فقال الحسن: ما ترك البدوي منكم أحداً إلا وقد سأله.

ومن أشرف القول في التقسيم ما ورد في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم: “وهل لك يا ابن ءادم من مالك إلا ما أكلت فأفنيتَ، أو لبستَ فأبليتَ، أو تصدّقتَ فأمضيتَ ” فلم يُبقِ عليه الصلاة والسلام قسماً رابعاً لو طُلب يوجد.
ومن التقسيم في الشعر قول بشّار يصف هُزيمة في معركة:

بِضَرْبٍ يذوقُ الموتَ من ذاق طعْمَه = ويُدرك من نجّى الفرار مثالِبُه
فراح فريقٌ في الأسارى، ومثله = قتيل، ومثلٌ لاذَ بالبحرِ هاربه

فالبيت الأول قسمان: إما موت وإما حياة تورث عاراً ومثلبة، والبيت الثاني ثلاثة أقسام: أسير وقتيل وهارب، فاستوفى جميع الأقسام، ولا يوجد في ذكر الهزيمة زيادة على هذا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Enable Notifications    Ok No thanks