الدّروس العامّة

مشروعية الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم


 

ﻳﻠﻬﺞ ﻣُﻨﻜﺮﻭ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑذكرى اﻟﻤﻮﻟﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺑﺸُﺒُﻬﺎﺕ ﻭﺗﻤﻮﻳﻬﺎﺕ في غير محلها يقولون: “ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ‏ﻳﺤﺘﻔﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲّ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺘﻔﻠﻮﻥ؟”.‏
فيقال لهم: ﻷن الاحتفال بذكرى المولد الشريف على الوجه الذي يفعله المسلمون منذ مئات السنين من فعل ‏الخيرات والإحسان بلا نكير، فهو وإن يكن له أكثر من دليل من الكتاب والسنة استخرجها أهل العلم كابن ‏حجر والسيوطي والسخاوي وغيرهم، وهو كذلك داخل في قول الله تعالى: “وافعلوا الخير”، ولكنه ﻟﻴﺲ ﻓﺮضاً ‏ﻭﻻ واجباً على هذا الوجه وإنما هو مستحب مستحسن. وكثير من المندوبات كان النبيّ مشغولاً عنها بما هو ‏أولى وأهمّ.‏
ثم دليل آخر فقد يكون عدم فعله على هذا الوجه من النبي والصحابة لترك باب الاستحسان مفتوحاً لمن ‏يستأهل ذلك من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عملاً بحديث ﺍﻟﻨﺒﻲّ للصحابة قال لهم والحديث لهم ولغيرهم: “ﻣَﻦ عمل عملاً ‏ليس عليه ﺃﻣﺮﻧﺎ ﻓﻬﻮ رد” رواه البخاري. ومفهوم منطوق الحديث أن من أحدث في أمرنا ما هو منه فليس ‏مردوداً، ولكن مَن كان عقله منكوساً لا يفهم الحديث الفهم الصحيح.‏
ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ “ﻛﻞ ﻣُﺤﺪَﺛﺔ بدعة وكل بدعة ضلالة” حديث، يقال ﻟﻬﻢ: معناه ﺃغلب المستحدَثات سيئة قبيحة، ولكن ‏لا يدخل في ذلك البدعة الحسنة لأن معنى الحديث مخصوص بالبدعة المخالفة للشريعة كما فهم الإمام ‏الشافعي رحمه الله، وكما نص عليه النووي في شرحه على صحيح مسلم، وغيره من الأكابر كالعز بن ‏عبدالسلام مثالاً لا حصراً.‏
فإﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ “ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮًﺍ ﻟﺴﺒﻘﻮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ”، ﻳُﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ: ﻟﻴﺲ ﺷﺮﻃًﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣَﻦ ﺃﺣﺪﺙ ﺃﻣﺮًﺍ ﻣﻮﺍﻓﻘًﺎ ﻟﻠﺸﺮﻉ لم يكن قبله ‏ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻤﻦ كانوا قبل زمنه ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ. فلا ﻳُﻘﺎﻝ إن عمر ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ أفضل من ابي بكر ﺣﻴﻦ ﺟﻤﻊ عمر ‏ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺍﻭﻳﺢ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻗﺎﻝ “ﻧِﻌﻢَ ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﻫﺬﻩ” ﻛﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ولا ﻟﻌﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻔﺎﻥ في ﺯﻳﺎﺩته ‏ﺍﻷﺫﺍﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ، ولا يقال لعثمان ﻟﻮ ﻛﺎﻥ أذان الجمعة الثاني ﺧﻴﺮًﺍ لسبقك إليه ﺍﻟﻨﺒﻲ أو أبو بكر أو ‏عمر. هذا دليل كم أن هؤلاء الوهابية جهال.‏
وكذلك ﻻ ﻳُﻘﺎﻝ ﻟﻠﺘﺎﺑﻌﻲ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳَﻌﻤﺮ وهو الذي ﻧَﻘْﻂِ المصاحف، ﻭﻟﻌﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ وهو من ﻋﻤﻞ ﻣﺤﺎﺭﻳﺐ ‏ﺍﻟﻤﺴﺎجد، أنه ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮًﺍ ﻟﺴﺒﻘﻜﻤﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺇﻟﻴﻪ.‏
ومنكرو المولد يذهبون الى المساجد فيها المحاريب والمآذن ويقرؤون المصاحف المنقوطة ويطبعونها، وكل ‏ذلك بدعة قبيحة سيئة حسب قواعدهم الفاسدة.‏
وكذلك ﻻ ﻳُﻘﺎﻝ ﻫﺬا الكلام ﻟﻤﻠِﻚ ﺇﺭبل ﺍﻟﻤُﻈَﻔَّﺮ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﻮﻟﺪ وعليه عمل ﺍﻷﻣﺔ ووافقه على ذلك العلماء والفقهاء ‏والمحدثون والحفاظ. وهو ما أيّده كذلك السيوطي في رسالته حسن المقصد في عمل المولد، وعلى ذلك علماء ‏الاسلام، حتى ابن تيمية المجسم الضال قال إن عمل المولد فيه ثواب ذكره في كتاب سماه “اقتضاء الصراط ‏المستقيم”، خذل الله المبتدعة.‏
وفق الله من كتبه ونشره ورحمنا وأحبابنا دنيا وآخرة ورزقنا ومن قال ءامين رؤية النبي صلى الله عليه وسلم، ءامين
قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: الله تعالى موجود بلا كيف ولا مكان‎.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Enable Notifications    Ok No thanks