قصص الأنبياء

نبي الله نوح

قصة نبي الله نوح عليه السلام

ذكر نبي الله نوح في القرءان

قال الله عزَّ وجل: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [سورة نوح/1].

نسب سيدنا نوح عليه السلام

هو نوح بن لامَك بن مَتُّوشَلَخَ بن أخَنوخ ـ وهو إدريس ـ بن يرد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن ءادم أبي البشر. وكان بين نوح وءادم عشرة قرون كما جاء ذلك في حديث ابن حبان.
وبالجملة فنوح عليه السلام أرسله الله إلى قوم يعبدون الأوثان قال تعالى إخبارًا عنهم: ﴿وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [سورة نوح/23]. وقد تقدم أن هذه أسماء رجال صالحين من قوم إدريس وكان لهم رجال يقتدون بهم فلما هلكوا أوحى الشيطان أي بثَّ إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصَابًا وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وانتسخ العلم عبدت.

دعوة نوح قومه إلى الإسلام

بعث الله نوحًا عليه السلام إلى هؤلاء الكفار ليدعوهم إلى الدين الحق وهو الإسلام والعبادة الحقة وهي عبادة الله وحده وترك عبادة غيره، وقال لهم: ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [سورة الأعراف/59]، وقال: ﴿اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [سورة الأعراف/59]، وقال: ﴿أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ [سورة هود/26]، وقال: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ﴾ [سورة نوح 2-3]، ودعاهم إلى الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار والسر والإجهار وبالترغيب تارةً وبالترهيب أخرى، لكن أكثرهم لم يؤمن بل استمروا على الضلالة والطغيان وعبادة الأوثان ونصبوا له العداوة ولمن ءامن به وتوعدوهم بالرجم ﴿قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ [سورة الأعراف/60] فأجابهم: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [سورة الأعراف 61-62] وقالوا له فيما قالوا بعد أن تعجبوا أن يكون بشر رسولا: ﴿مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ [سورة هود/27].
لبث سيدنا نوح في قومه يدعوهم إلى الإسلام ألف سنة إلا خمسين عامًا قال تعالى: ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا﴾ [سورة العنكبوت/14]، وكان قومه يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه، حتى تمادوا في معصيتهم وعظمت منهم الخطيئة فلا يأتي قرن إلا كان أخبث من الذي كان قبله، حتى إن كان الآخر ليقول: قد كان هذا مع ءابائنا وأجدادنا مجنونًا لا يقبلون منه شيئًا. ومن جملة ما قال لهم: ﴿وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ﴾ [سورة هود/34] أي أن الله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ولكن اليأس لم يدخل قلب نوح بل أخذ يجاهد في إبلاغ الرسالة ويبسط لهم البراهين، ولم يؤمن به إلا جماعة قليلة استجابوا لدعوته وصدقوا برسالته.

بناء سيدنا نوح للسفينة ونزول العذاب بالكفار

ثم إن الله أوحى إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد ءامن قال تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءامَنَ﴾ [سورة هود/36]، فلما يئس من إيمانهم دعا عليهم فقال: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [سورة نوح 26-27] فلما شكا إلى الله واستنصره عليهم أوحى الله إليه: ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ [سورة هود/37]، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾ [سورة الصافات 75-76].
فأقبل نوح على عمل السفينة وجعل يهىء عتاد الفلك من الخشب والحديد والقار وغيرها، وجعل قومه يمرون به وهو في عمله فيسخرون منه وكانوا لا يعرفون الفلك قبل ذلك، ويقولون: يا نوح قد صرت نجارًا بعد النبوة! وأعقم الله أرحام النساء فلا يولد لهن. وصنع الفلك من خشب الساج وقيل غير ذلك، ويقال إن الله أمره أن يجعل طوله ثمانين ذراعًا وعرضه خمسين ذراعًا، وطوله في السماء ثلاثين ذراعًا. وقيل: كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع وقيل غير ذلك والله أعلم.
ويقال إن نوحًا جعل الفلك ثلاث طبقات: سفلى ووسطى وعليا، السفلى للدواب والوحوش، والوسطى للناس، والعليا للطيور، حتى إذا فرغ منه وقد عهد الله إليه ﴿حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ ءامَنَ وَمَا ءامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾ [سورة هود/40] وقد جعل التنور ءاية، وقيل: إنه طلوع الشمس، وكان تنورًا من حجارة كانت لحواء، وقيل: كان تنورًا من أرض الهند، وقيل: بالكوفة، وأخبرته زوجته بفوران الماء من التنور، ولما فار التنور حمل نوح مَنْ أمر الله بحمله وكانوا ثمانين رجلا، وقيل غير ذلك. وكان فيها نوح وثلاثة من بنيه سام وحام ويافِث وأزواجهم وتخلف عنه ابنه قيل اسمه يام وقيل كنعان وكان كافرًا. ويقال إن نوحًا حمل معه جسد ءادم عليه السلام، وقال تعالى: ﴿وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [سورة هود/41].
ثم إن المطر جعل ينزل من السماء كأفواه القرَبِ، فجعلت الوحوش يطلبن وسط الأرض هربًا من الماء حتى اجتمعت عند السفينة فحينئذٍ حمل فيها من كل زوجين اثنين.
لما اطمأن نوح في الفلك، وأدخل فيه من أمر به جاء الماء كما قال تعالى: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾ [سورة القمر 11-13] والدسر:المسامير. وقوله تعالى: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ [سورة القمر/14] أي بحفظنا وحراستنا.
وجعلت الفلك تجري بهم في موج كالجبال قال الله تعالى: ﴿وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ﴾ [سورة هود/42]، وذلك أن الله تعالى أرسل من السماء مطرًا لم تعهده الأرض قبله وأمر الأرض فنبعت من جميع فِجاجها، ونادى نوح ابنه الذي هلك لأن يؤمن ويصعد وكان في معزل: ﴿يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ﴾ [سورة هود/42] وكان كافرًا خالف أباه في دينه، ﴿قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء﴾ [سورة هود/43]، فقال نوح: ﴿قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾ [سورة هود/43].
قال جماعة من المفسرين: أرسل الله المطر أربعين يومًا، ويقال: إنهم ركبوا فيها لعشر ليالٍ مضين من رجب وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم، وكان الماء نصفين نصفًا من السماء ونصفًا من الأرض وقد ارتفع الماء على أعلى جبل في الأرض قيل: خمسة عشر ذراعًا، وقيل ثمانين والله اعلم، وقد عم جميع الأرض سهلها وحَزنها وجبالها وقِفارها، فلم يبق على وجه الأرض أحد ممن عبد غير الله عز وجل، قال الله تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمًا عَمِينَ﴾ [سورة الأعراف/64]، وقال تعالى: ﴿وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [سورة الأنبياء/77]. وطافت السفينة بالأرض كلها لا تستقر حتى أتت الحرم فدارت حوله اسبوعًا، ثم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى جبل الجودي وهو بأرض الموصل فاستقرت عليه.
قال تعالى: ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [سورة هود/44]. ثم لما غاض الماء أي نقص عما كان وأمكن السعي فيها والاستقرار عليها هبط نوح ومن معه من السفينة التي استقرت بعد سيرها على ظهر جبل الجودي قال الله تعالى: ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [سورة هود/48].
ثم إن نسل أهل السفينة انقرضوا غير نسل ولده فالناس كلهم من ولد نوح، ولم يُجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلٌ ولا عقبٌ سوى نوح عليه السلام، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ﴾ [سورة الصافات/77]، فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني ءادم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة.
روى الإمام أحمد عن سَمُرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم” ورواه الترمذي عن سمرة مرفوعًا بنحوه، وقيل: المراد بالروم هنا الروم الأُول وهم اليونان، وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: “ولد نوح ثلاثة: سام ويافث وحام، وولد كل واحد من هؤلاء الثلاثة ثلاثة: فولد سام العرب وفارس والروم، وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، وولد حام: القِبط والسودان والبربر”.

ذكر اليوم الذي استقرت فيه سفينة نوح

قال قتاده وغيره: “ركبوا في السفينة في اليوم العاشر من شهر رجب فساروا مائة وخمسين يومًا واستقرت بهم على الجودي شهرًا، وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم” اهـ، وقد روى ابن جرير خبرًا مرفوعًا يوافق هذا، وأنهم صاموا يومهم ذلك.
وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء فقال: “ما هذا الصوم”؟ فقالوا: هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون، وهذا اليوم استقرت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى شكرًا لله عز وجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أنا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم”، وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من وجه ءاخر إلا أنه ليس فيه ذكر نوح عليه السلام.

عمر سيدنا نوح ووفاته

كم عاش سيدنا نوح ومتى مات؟

قيل: بعث سيدنا نوح وله أربعمائة وثمانون سنة وإنه عاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة فيكون قد عاش على هذا ألف سنة وسبعمائة وثمانين سنة والله أعلم.
ويروى أن نوحًا لما حضرته الوفاة قيل له: كيف رأيت الدنيا؟ قال: “كبيت له بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر”. وأما قبره عليه السلام فقيل: إنه بالمسجد الحرام وهو الأقوى، وقيل:إنه ببلدة في البقاع تعرف اليوم “بكرك نوح” وهناك جامع قد بني بسبب ذلك فيما ذكر، وقيل: إنه بالموصل والله أعلم.

وصية نوح عليه السلام لولده

روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن نبي الله نوحًا لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاصّ عليك الوصية، ءامرك باثنتين وأنهاك عن اثنين، وءامرك بلا اله الا الله، فإن السموات والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا اله الا الله في كفة رجحت بهن لا اله الا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا اله الا الله، وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شىء وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر”.

ثناء الله عز وجل على نوح عليه السلام

قال الله تعالى مخبرًا عن نبيه نوح عليه السلام: ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ [سورة الإسراء/3]، وروى الإمام أحمد في كتاب الزهد عن محمد بن كعب القرظي قال: “إن نوحًا عليه السلام كان إذا أكل قال: الحمد لله، وإذا شرب قال: الحمد لله، وإذا لبس قال: الحمد لله، وإذا ركب قال: الحمد لله، فسماه الله عبدًا شكورًا”.
تنبيه: ليس في هذه القصة أن الإنسان يكون شكورًا بمجرد هذا بل شرط الشكور أن يكون تقيًّا يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات ويكثر من العبادات التي لم يفرضها الله فرضًا ولذلك قال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سورة سبأ/13].
فالشكور من بين المؤمنين قليل، ولا شكور ولا شاكر من الكفار ولو أكثروا قول الحمد لله والشكر لله بألسنتهم، وكذلك المسلمون العصاة لا يكونون من الشاكرين لمجرد الإكثار من كلمة الحمد والشكر.
وليس في هذا دليل على ما تدعيه الوهابية فإنهم يظنون أن فرقتهم هم المؤمنون وهم الشاكرون لما يعلمون من أنهم شرذمة قليلة بالنظر إلى المسلمين الذين يخالفونهم لأن عددهم نحو مليون أو أزيد بقليل والمسلمون مئات الملايين.
وقد صح في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “إن من أمتي من يشفع لأكثر من ربيعة ومُضر” رواه أحمد في مسنده، وربيعةُ ومُضَر أكثر من مائة مليون بل من مئات الملايين وذلك لأن ربيعة ومضر من أقدم القبائل العربية، هؤلاء الذين يشفع فيهم هذا الرجل وهو شخص واحد، وهناك من يشفع لكثير من الخلق في الآخرة، فكيف يصح مع هذا للوهابية أن يعتبروا أنفسهم المسلمين ومن سواهم من المسلمين مشركين.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Enable Notifications    Ok No thanks